الأول من مايو من كل عام، هو اليوم العالمي الذي تحتفي به الطبقة العاملة عموماً في كافة أنحاء العالم وتحييه بطريقتها الخاصة، تحتفي بانتصاراتها وانجازاتها، ، تبرز ابداعاتها وابتكاراتها، تعتز بمساهماتها في ازدهار مجتمعاتها، وتفخر بما حققته لضمان مستقبل زاهر لأطفالها، وفي المقابل تحظى بتكريم شعبي ورسمي مميز تقديراً لها من كافة الشعب لدورها في الحياة والبناء والإعمار، لمساهماتها المميزة في تقدم مجتمعاتها وشعوبها وازدهارهم،
وفي كل عام في الأول من مايو نقف أمام ما حققه العمال لأنفسهم ولمجتمعهم خلال الفترة السابقة وما هي الأهداف الممكن تحقيقها في العام المقبل. هذا الاستشراف يعكس فهماً لجملة العوامل التي تحدد مكانة الطبقة العاملة وقدرتها على الاسهام الفاعل في التنمية بشكل عام وبالتالي مدى تطابق هذه العوامل مع الظروف أو المعطيات المحلية لكل بلد على حدة.
عيد العمال الذي نحتفل به كل عام (وبات عيداً لكل الناس) يأتي اليوم بشكل مختلف وبألوان زاهية وجميلة
تتشابك الالوان في الاحتفال بعيد العمال, الا انه يظل يوما يفترض فيه تكريم الفئات الانتاجية التي تنتمي الى القطاع العمالي وتسليط الاضواء الكاشفة عليها, لتبيان مدى اسهامها في رفعة الوطن ونموه ونمائه, وكذلك في خدمة المواطن الذي يحصد ما تنجزه الحركة العمالية على كل صعيد.. لهذا من حقها ان يشاركها الجميع في عيدها السنوي..وتعكس التشريعات الناظمة للعمل في بلادنا مدى وضوح الرؤية تجاه اليد العاملة ومستوى الاهتمام الحقيقي بالإنسان العامل كأحد أهم العناصر المعوّل عليها في بناء المجتمع ونقله من واقع يكون فيه الطرف الأضعف من عناصر الانتاج إلى واقع يكون فيه شريكاً حقيقياً قوياً وفاعلاً في العملية الانتاجية..
باعتبار العمل قيمة وحقاً أساسياً من الحقوق الطبيعية للإنسان، وأن اليد التي تعمل خير من التي لا تعمل، واليد التي تعطي خير من التي تأخذ، ، ولأن العمل لا يقف عند حدود إشباع الحاجة الاقتصادية للإنسان فحسب، بل يمتد إلى اعتبارات وأبعاد أخرى لا تقل أهمية كضرورة ووسيلة لتحقيق الاستقلال الذاتي وصون الكرامة الإنسانية وتوطيد عرى النسيج الاجتماعي بصورة تعزز من توجهات المجتمع نحو الكفاية والرفاه..
وإن التطور التكنولوجي بصوره المختلفة ونتائجه الهائلة عكس نفسه على حجم هذه الطبقة ودورها وسماتها وخصوصاً فيما يرتبط بالتناسب أو الدور لكل من الجهد البدني والجهد الذهني، فالمعروف أنه كلما تقدمت العلوم وتطبيقاتها التكنولوجية كلما اتسعت مساحة الاستخدام الذهني على حساب المجهود العضلي، وهذا يصب في خدمة العمال والتقدم الحضاري بكل تأكيد أن التطور العلمي يساهم بطريقة حاسمة في تطور المجتمعات البشرية وأكثر من هذا في تقريب الناس من بعضهم وتضييق الفجوات التي تؤدي إلى خلق التناقضات الحادة والخطرة بين الأمم، وفي السياق نفسه يجب أن ينعكس إيجاباً على رفاهية العمال وطرق الإنتاج الأكثر إنسانية بزيادة حجم المجهود الفكري أو الذهني للعمل من هنا فإن أهم ما يمكن أن يلفت في منظومة أي تشريعات عمالية، مدى تركيزها على الحماية كونها السبيل إلى وضع الإنسان العامل في المكانة التي يستحقها، عرفاناً بالدور الذي يؤديه في خدمة مجتمعه وبلده، والتي هي بالتالي حماية للمجتمع وتعزيز لفرص تقدمه وازدهاره. وتتنوع الحماية وتأخذ أشكالاً وصوراً متعددة اجتماعية وصحية واقتصادية ونفسية ومهنية وغيرها، والهدف هو ضمان وجود حيز وافر من الاستقرار للإنسان العامل، وضمان استمرار تدفق العطاء المجتمعي بسلاسة ونوعية تهيىء لمستقبل واعد ومزدهر والآن وبعد تجربة ثلاثة عقود من تطبيق الضمان الاجتماعي،التي كرست الريادة الجيبوتية علي مستوي الاقليم بل وربما علي مستوي قارتنا السمراء في مجال الضمان الاجتماعي المتطور والمتكامل انطلقت اليوم في تدشين حقبة جديدة تحمل رؤى ومفاهيم أوسع للحماية الاجتماعية، وترسّخ الدور الحقيقي لهذه الأنظمة في إطار من الشمولية والتكافلية والعدالة الاجتماعية، بما يكفل تقديم نظام حمائي مستديم يوازن بين استحقاقات كافة الأطراف، ويوسع من نطاق الحماية أفقياً وعمودياً، أفقياً من خلال شمول مختلف شرائح المجتمع بمظلة الضمان، وعمودياً باقتراح التوسع في التأمينات بإضافة أنواع جديدة ضرورية بما يكفل تقديم ضمان اجتماعي شامل للجميع يتسم بالريادة في الخدمة والحماية والاستدامة.. وهو ما تستحقه الأيدي العاملة ويليق بها على كل ما قدمته في خدمة مجتمعها ووطنها،..
ولن ندّعي أن كل الأحلام قد تحققت، فطريقنا معاً ما زال طويلاً، ولكننا نتوقف للحظات في هذه المناسبة الوطنية، في عيد العمال، لنقيّم ما تم إنجازه، لتحديد التحديات المقبلة، وتجديد العهد بالمضي قدماحتى يتحقق للعامل ما يصبو إليه مقابل ما تقدمه يداه في بناء هذا الوطن..
ونقول للعمال في هذه المناسبة :
اهنئكم. بذا اليوم السعيد رفاق الدرب في هذا الوجود اهنئكم جميعا يارفاقي رفاق الشمس في يوم مجيد
فيا عمالنا اتحدوا جميعا وكونوا رمز حب في الوجود فيا عمالنا هاكم تراءت على اطياننا شمس الخلود
وسنبقى يا شهر مايو ونحيي فيك عيدا بعد عيد
وكل عام والوطن وعمال الوطن بألف خير
جمال أحمد ديني