كم يؤسفنا و يحزننا أن نرى مصرنا الحبيبة.. أرض الكنانة.. أم الدنيا تنزف دما وتراق فيها دماء الأبريا .. وتتأزم فيها الأوضاع الأمنية .. ان الأحداث المؤلمة التي شهدتها مصر بلد الحضارات في بور سعيد و في القاهرة على خلفية مباراة كرة قدم بين فريقي الأهلي والمصري البور سعيدي والتي أودت بحياة 74شخصا ناهيك عن مئات الجرحى تعد سابقة خطيرة لم نعهدها من قبل في الملاعب..
ان هذه الأحداث المؤلمة أبكت عيوننا و أدمت قلوبنا و ملأت نفوسنا أسى و حسرة على شهداء وضحايا تلك الأحداث والمجازر الدامية.. ما ذنب هؤلاء الأبرياء ليدفعوا أرواحهم ثمنا لهذه لفوضى التي تعصف بالعالم العربي وتكلفه مالا يطيق وتعيقه عن البناء والإعمار والتفرغ لإعداد وامتلاك أسباب القوة للوقوف في وجه الأعداء الذين يبيتون لنا شرا ويصطادون في المياه العكرة..؟! كل همهم أن تظل الأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتهم مصر مشغولين بأنفسهم لاهين عما يدور في العالم حولهم…
إن ما تمخّضت عنه المباراة من نتائج مفزعة أضرت بالبلاد والعباد وزرعت بذور فتنة بين الإخوة.. هذا كله يثير الاستغراب والدهشة في بلد ظل طول تاريخه مثالا للتسامح بين كافة أهله وظل دائما واحة أمن واستقرار وسلام..عرف أهله بالطيبة وروح النكتة والفكاهة حتى في أحلك الظروف وأقساها.
إن هذه الجريمة البشعة لم تحدث صدفة بل هي وليدة تخطيط محكم وأمر مدبر لعصابات تخدم أجندات الأعداء ومصالحهم إدراكا منهم بدور مصر القيادي والمحوري في محيطها العربي والإسلامي.. وهم يهدفون إلى تعطيل هذا الدور وتحجيمه ليسهل عليهم أن يعيثوا في المنطقة فسادا وإفسادا..إن التحقيقات ستبين ما للعصابات المضللة بها من دور ومن يقف وراءها ويدفعها لإحداث الفتنة الملعونة؟!
إن مصر أحوج ما تكون اليوم من أي وقت مضى لليقظة ووأد الفتنة في مهدها قبل أن تستفحل وتتسع لتحرق الأخضر واليابس . ولها من جهود حكمائها وعقلائها وشيوخها ممن حنكتهم الأيام وصقلتهم التجارب وبلغوا من العلم مبلغا ساميا وقطعوا فيه شوطا واسعا.. لها ما يمكنها من تجاوز هذا المأزق والتغلب على كل الصعاب مهما عظمت!!
ولها من تاريخها ما يجعلنا أكثر تفاؤلا وأعظم ثقة من أن الفجر آت آت ..وأن النصر سيتحقق لا محالة.. واشتدي يا أزمة تنفرجي ..
كل المسلمين والعالم الحر مشدود إلى متابعة ما يدور على الساحة المصرية وما تشهده من حراك على كل المستويات وفي كل الظروف.. ومن هنا فإن قلوبنا مع مصر، نرفع الأكف داعين الله أن تفضي الأمور إلى خير وأن تستقر البلاد لتقوم مصر بدورها الريادي كما كانت على الدوام .. و نرجو أن تكون هذه الأحداث مجرد إحداث عابرة سوف تمر سريعا .. و تعود مصر كما كانت رمزا للحضارة و الإلهام للمفكرين ..واسلمي يا مصر ودمت حصنا منيعا للعروبة والإسلام وواحة أمن وسلام.
فيصل مختار