في ظل زحف العولمة على كل ما هو محلي من تراث ثقافي وإرث حضاري ، وخصوصيات تميز مجتمعاً ما عن غيره .وبما أن اللغة بصفتها مكونا رئيسيا للمنظومة الثقافية والهوية المدللة على الوجود ؛ ونظراً لما يشكله النظام العالمي الذي تسود فيه العولمة والثقافة المعلبة العابرة للقارات التي محت من الوجود حتى الآن ما يقارب الـ 6000 لغة محلية من خطر وتهديد ثقافي حقيقي ؛ وانطلاقا من الإدراك بخطورة هذا التهديد ، والوعي بالضرورة الحضارية التي تقتضي حماية لغات الأم مما يتهددها ؛ يقوم العالم منذ عقد ونيف من الزمن بإحياء يوم للغة الأم في الـ 21 فبراير من كل عام. وقد تنبهت بلادنا ومنذ وقت مبكر لما تشكله العولمة من تحد في وجه الحفاظ على خصوصياتنا الثقافية وهويتنا وإرثنا الحضاري وركزت في أطار جهودها هذه على اللغة بصفتها الوعاء ونقطة الارتكاز والبرنامج والمناشط والسياسات والاستراتيجيات في هذا الاتجاه ؛ بدءاً من استحداث أسبوع وطني للغة الأم تتواصل أعماله دورياً على مدى سبع سنوات سجلت الكثير من الإنجازات لصالح الجهود الرامية إلي النهوض باللغات المحلية والارتقاء بإمكاناتها ، وتمكينها من استيعاب التطورات والمستحدثات في عصرنا هذا الذي يعج بكل جديد ؛ وكانت تلك الإنجازات نتاجاُ لإرادة سياسية واعية ، وملتقيات إقليمه حول اللغة العفرية والصومالية توجت بإصدار قاموسين للغتين يحوي كل منهما الآلاف من المفردات ، ومعارض للكتب شكلت قوة دفع لإنتاج العديد من الكتب بلغات الأم وإلى جانب كل هذا كان إنتاج منهج دراسي باللغات المحلية سيتم إقراره على الطلاب بدءاً من العام الدراسي المقبل ـ خطوة إستراتيجية في ذلك الاتجاه .
ولم تكن عملية تأسيس ناديين للكتاب باللغتين الصومالية والعفرية مسألة وخطوة أقل أهمية ؛ حيث كان لجهود هؤلاء الكتاب ونتاجهم الثقافي والفكري ومساهماتهم الإعلامية أثر كبير في صياغة مفردات واقع ضامن لحماية لغاتنا الوطنية من خطر الإندثار ، ومؤمن لعملية تطويرها ونهوضها .
محمد إبراهيم محمد