كثيراً ما زارت جريدة القرن مقر جمعية "لنعش أقوياء" لذوي الاحتياجات الخاصة لتشاركهم مناسبات مختلفة... لتغطية ورش عمل .. أو أنشطة رياضية .. أو توزيع مساعدات .. أو إجراء حوارات .. أو تسجيل انطباعات أو غيرها من المناسبات تنصب كلها في خانة الرسميات .. أما الزيارة الأخيرة للمقر فلها طعم خاص .. لم تكن تلك الزيارة ككل الزيارات .. ولم تكن ليلة الخميس ( أو ليلة الجمعة ) كباقي الليالي .. كان موعدنا معهم في فناء مقرهم ..منظر المكان كان مختلفاً .. لم يكن كالذي تعودنا رؤيته .. الأضواء الملونة أضفت عليه روعة و رونقا خاصا ... كل ركن فيه يتلألأ وكأن نجمة تتربع فيه .. الجدران .. الأشجار .. السور ..وحتى الأبواب .. الابتسامة والبهجة تعلو وجوه الحضور وتشع منه وكأنها نور الصباح . . . الكل في أبهى جماله وأناقته .. أغصان الأشجار تتعانق تارة وترقص على أنغام الفرحة تارة أخرى .. والروائح الزكية تنعش الروح ..وتحملك على كف الرومانسية لتطير بك إلى عالم الأحلام .. إلى أرض الورود والعطور والعود والعنبر .. إلى عالم جميل هادئ تعشقه النفس... صفوف الكراسي البيضاء تملأ المكان ..
وفي آخر الفناء أي في الواجهة كوشة مزينة ... كتب عليها حرفان وهما حرف (أ) وحرف ( ح) هنا عرفت الجريدة أنها دعيت لتشاركهم الفرحة والحفلة التي أعدت لتتويج قصة حب وتأسيس أسرة . اللحظات تمر وتجر وراءها الدقائق ... والجميع يغني ... منهم من يرقص ... ومنهم من يتمايل من مكانه ... الأعصاب مشدودة ومتأهبة للحدث الجلل.. حالة الترقب تشد الأنظار نحو الباب بين الفينة والأخرى .. وتعلو التصفيقات ومعها أغنية الترحيب بالعروسين .. أما الزغاريد فكانت النغمة التي حازت على نصيب الأسد في زيادة جرعة السعادة. .. وفي ذلك الزخم وصل العروسان ..نجما تلك الليلة تظللهم نثرات الفل والكادي مع كل حركة تيمنا بأن تكون حياتهما زكية كزهرة الفل ونبات الكادي.
قد يتعجب البعض عند معرفة أن العروسين من ذوي الاحتياجات الخاصة .. وتتعجب أكثر عند معرفة أن كليهما لا يملكان وظيفة أو مصدر رزق . . لسان حالهما يقول : - لقد اخترنا طريق العفة .. طريق النقاء والطهر .. طريق الخير والبركة وسنة الأنبياء في زمن الغلاء والأزمات. .. في زمن صارت فيه العفة والطهر معدنا وعملة نادرة... رافعين راية التحدي وقوة الإرادة في وجه هذه الحياة الصعبة .
قال صلى الله عليه وسلم من تزوج فقد أحرز نصف دينه فاليتق الله في النصف الآخر وقال : عليه الصلاة والسلام : التمسوا الرزق بالنكاح ، وليس أمامنا إلا أن نهنئ العروسين أحمد زياد إبراهيم و سعادة عبدي روبله المعروفة بحواء، داعيين لهما بالرفاه والبنين ألف ألف مبروك ونقول : بارك الله لكما ، وبارك عليكما ، وجمع بينكما في خير.
نبيهة عبدو فارح