لا يقل دور المساجد في التوعية والإرشاد عن بقية المؤسسات التعليمية الأخرى إذ بإمكانه تقديم البرامج الصيفية والتوعوية للطلاب والمجتمع المدني بحيث تكون الرسالة عامة وشاملة كما تقدم المساجد رسالة خاصة للمجتمع بكل أطيافه حول الإيمان واليقين والدعوة والإرشاد وتقع هذه المسئولية على كاهل الخطباء والدعاة ببدل الجهود لتوضيح الرؤيا والفكر للمجتمع ، لأننا مجتمع مسلم متدين يجب أن تتناسق سلوكه مع هويته الإسلامية ولعل بسبب تطور الوسائل الإعلامية المختلفة حدث شبه عزوف عن الدور الريادي للمساجد غير أننا نؤكد أهمية دور المساجد في حياتنا اليومية لأنها تحظى باحترام شديد في قلوب المجتمع ويتوجه إليه المسلمون بالصلاة لكل يوم خمس مرات بروح وإيمان وقدسية ، ويمثل هذا الشعور ميزة فريدة لا تحظى بها المؤسسات الأخرى ، وقد ظلت المساجد عبر التاريخ قديما وحديثا قناة ثقافية واسعة لتنمية الوعي الاجتماعي والديني على مر العصور وتعاقب الدهور لبناء الروح الديني والعبادات والوجدانية . إذاً فمن ضروري تفعيل دور المساجد لتبقى مؤسسة علمية وتوعية ودينية وثقافية ويتوقف الأمر بالقائمين عليها ، لا سيما أن رسالة المسجد تلعب دورا هاما في نشر ثقافة السلم وروح التسامح الديني والاندماج الاجتماعي . ونحن لا نستطيع أن نتناول دور المساجد بهذه العجالة ، وأعتقد ان ما تطرقنا إليه في الاتجاه ليس إلا من باب الإشارة . وندعو لمن لديه باع طويل بالتوعية والتوجيه والمتخصصين بالخطابة والعلوم الاجتماعية أن يقدم لنا أنسب أسلوب لاستفادة من دور المسجد في الحياة العملية حتى تستعيد المساجد دورها الريادي في الماضي، وللإشارة قامت المساجد قبل أيام بأسبوع توعوي للاستسقاء على مستوى الجمهورية بتوجيه ودعوة من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف مشكورة ، وذلك بعد موجة الجفاف الذي ضرب البلاد ، وتلبية لهذه الدعوة توجه المجتمع الجيبوتي في اليوم العاشر من شهر مايو الجاري إلى المصليات والمساجد في أنحاء البلاد لإحياء هذه الشعيرة الدينية والسنة النبوية، وقد قدم العلماء والدعاة في ثنايا هذا الأسبوع التوعوي شرحاً مفصلاً عن صلاة الاستسقاء ، وبهذه المناسبة نرى ضرورة تفعيل دور المساجد لتحقيق الأمور التالية:-
أ- تصحيح المفهوم القاصر الذي يحود أن دور المسجد يقتصر على العبادة فقط وهو ما يتصوره السواد الأعظم من مجتمعنا ، ولا يكون تصحيح هذا المفهوم الخاطئ سهلاً وممكناً ما لم يكن هناك آليات وخطط وقرارات للتصحيح.
ب- استعادة الدور الرائد الذي اتسمت به المساجد في العصور الذهبية حيث كانت هي المدرسة والمعسكر ومجلس الشعب ومقر الشرطة والمؤسسة المالية فإن لم نتمكن بتحقيق الكل فلابد من السعي والبحث بالطرق الكفيلة لاستعادة هذه الأدوار.
ج- رفع كفاءة القائمين بشؤون المساجد حتى ترتقي رسالة المسجد إلى مستوى مقبول لكل المجتمع بهدف مواكبة ركب تطورات عصرنا وللحد من التشويه الفكري والتهميش لرسالة المسجد.
د- تعزيز وتقوية علاقة المسجد بالمجتمع المدني بكل أطيافه حتى لا تكون العلاقة بجانب العبادة فقط وإنما يجب أن تشمل كل جوانب الحياة المختلفة وذلك عبر الحلقات الدينية والاجتماعات التشاورية والندوات العلمية بحيث يكون دور المسجد واضحاً في حياة الأمة اليومية.
هـ- معروف أن العلماء هم ورثة الأنبياء ويجب الإجلال والاحترام بهم وعليهم توصيل تركة الأنبياء بطريقة صحيحة وسليمة ، والقيام بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم إزاء إعادة الناس إلى الأصول والمتون لاستخراج العلم النافع المبني على الأدلة والعقل لأن سبب الحالة الشاذة الراهنة للأمة يتمثل في تركها وابتعادها عن منافذ هذه العلوم النافعة وأساليبها الفريدة .
فارح وابري وعيس