جاءت العولمة لتفرض نفسها دون إذن أو تصريح .. وصار المواطن مواطنا عالميا .. وازدادت حيرته عندما وجد نفسه مشتتا بين قوتين .. قوة واقعه .. وقوة واقع العالم من حوله .. وشعر الإنسان مرة أخرى بالضياع .. وكان لابد أن يكون دواؤه نابعا من الداء نفسه .. وأن يكون الحل أو سفينة الإنقاذ إعلامية أيضا .. بمعنى آخر أن نعيده إلى عالمه الخاص عن طريق الإعلام ، ولو للحظات يلتقطها من عمر الزمن . وهكذا أخذ يبحث عن نوع من الخصوصية .. وعرف أنه لابد من أن يرتبط بمجتمعه ، وأن يجد نفسه مشدودا إلى هذا المجتمع منتميا إليه ، وهو المجتمع المحلي الذي يعيش فيه .. وأن يسعى إلى الارتباط بالآخر الأقرب إليه بعد أن جذبه تيار العولمة والسموات المفتوحة والقنوات الفضائية وعالم غريب مبهر لكنه أبعده زمنا عن واقعه . ومرة أخرى يولد الإعلام المحلي الذي سبق أن وُلد في البدايات محليا ..
فكانت الصحافة محلية ..وكان الراديو محليا .. وكان التلفاز محليا .. ثم جاءت تكنولوجيا أكثر تقدما فحدثت الانطلاقة الكبرى إلى آفاق أوسع وأرحب ، ثم جاءت المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والديمغرافية التي أسرعت بخطى عودة الإعلام محليا فيما يمكن أن نسميه " العودة إلى الجذور " بحيث لا يشعر الإنسان أنه وحده .. إن الآخر في المجتمع المحلي هو الأقرب إليه .. حتى العاملين في الحقل الإعلامي المحلي هم الأقرب إليه .. والأقدر على تلبية مطالبه .. الأهازيج التي يحبها ..الأغنية التي يفضلها .. التمثيلية التي تشده أحداثها ويشعر أنها أقرب إليه من غيرها المستوردة .. الفتوى الدينية التي يريد أن يعرفها ولها علاقة ببيئته وظروف مجتمعه ..
المشكلة التي يبحث عن حل لها .. إن الإعلام المحلي هو الأنيس والجليس الذي يساعد إنسان العصر على طرح همومه بعيدا عن زحمة الفضائيات ..
وينتظر منه المواطن الخدمات وتبادل الخبرات .. وعندها يقول المواطن : ( أنا لست وحدي).
شاذلي الحنكي
hanky01@hotmail.com