لم يدر بخلد أحد من المتحمسين لقضية التحرر الإرتيري ـ آنذاك ـ من ربقة السيطرة الإثيوبية واحتلالها لأراضيه ولمعاناة الشعب الإريتري آنذاك ، أقول بكل أسى ... لم يدر بخلد أحد من المتحمسين لقضية التحرر الإريتري أن يصير المجني عليه هو الجاني ، وأن تكون الضحية غولا .. وأن تصبح أحلام هؤلاء (الثوار) الذين شاركناهم أحلامهم ـ معنويا ـ ونحن طلبة في القاهرة عبر المهرجانات الخطابية لذكرى ومناسبات وطنية كانت تقيمها رابطة الطلبة الارتريين هناك على أرض الكنانة لم يكن أحدا يتخيل أن تتبدل الوجوه غير الوجوه .. والأحلام غير الأحلام .. وأن تتحكم وتهيمن الأفكار الأيدلوجية الجامدة البالية ــ التي عفا عليها الزمن ــ والتي لا تناسب روح العصر الذي نحياه اليوم ، وأن تتحول عدالة القضية الاريترية التي تحمسنا لها كطلاب إلى ظلم واغتصاب حق أراضي الغير .. هكذا فاجأ أفورقي وزمرته الثوار الأصليون بخطف ثورتهم التي قامت على أكتافهم ، وأخذ بمستقبل اريتريا إلى نفق مظلم لا يبدو له بصيص نور .. واهما بأن أفعاله الهوجاء هنا وهناك على الحدود الآمنة لدول جيران اريتريا ستخضع قادة المنطقة إلى إرادته .. فيملي عليهم ما يجب وما لا يجب .. إن هذا منطق القوة الذي يتخذه النظام الاريتري سبيلا في إطار ممنهج لسياساته الداخلية مع شعبه المقمـوع .. وخارجيا مع دول الجوار قد جعلت صورة دولة اريتريا في أذهان شعوب المنطقة بل والعالم نموذجا لأسوأ أنواع الغدر في المنطقة عبر مسلسل درامي من الغدر بليل على أراضي دول الجوار بدءً من جزر حنيش اليمنية وانتهاءً برأس دوميرا وجزيرة دوميرا الجيبوتية .. وفي كل مرة ومع نهاية حلقات الغدر تكون الخاتمة حزينة على المتآمرين هذا ما شاهدناه في قضية حنيش مرورا بالسودان والحرب مع إثيوبيا .. وأخيرا هذا ما سنشاهده من مسلسل الهزائم الأفورقية في رأس دوميرا الجيبوتية بإذن الله .. إن تصرفات أسياس أفورقي يذكرني بالطالب المشاغب الذي يستولي خلسة على أدوات زملائه في الصف ثم ينكر أنه حتى ما رآها .. تماما هذا ما حدث في رأس دوميرا وجزيرتها .. عدوان واستيلاء بالقوة ثم إنكار حدوث أي شيء من أصله ، وما قضية أسرانا الأبطال ببعيد .. فقد كشف وفضّح العائدون منهم كذب وغش وخداع النظام الأفورقي ..الذي أنكر كل شيء عنهم .. لكن القرارات الشرعية والقانونية الصادرة من المنظمات الدولية والإقليمية تقف له بالمرصاد .. وعلى أفورقي أن يدرك تماما أن الشعب الجيبوتي بكل فئاته مصمم على استعادة حقه ومتمسك بترابه وبكل بقعة من أرضه مهما كانت التضحيات آجلا أم عاجلا .. كما يجب أن يعرف جيدا أن حجم القوة أمام إصرار الشعوب على عدم التفريط بسيادتها الوطنية وقضاياها العادلة لن تصمد طويلا .. وأقول أيضا لكل مَن يهمه الأمر أن حق سيادة جيبوتي على رأس دوميرا وجزيرة دوميرا تاريخيا وجغرافيا امر مفروغ منه ، وأن قضيتنا في هذا الشأن من أوضح القضايا الوطنية .. نقف فيها صفا واحدا خلف قيادتنا السياسية هذا إجماع وطني لا اجتهاد معه .. وهو ضرورة الدفاع عن حرمات الوطن واسترداد أي شبر يؤخذ منه بكل الوسائل وشتى السبل المتاحة .
شاذلي الحَنْكي