كلما جاء شهر رمضان المبارك يصبح الشغل الشاغل في اوساط المسلمين ويطبع بطابعه مجريات الحياة كلها وتنشط الفعاليات في كل المرافق ولا غرابة في ذلك كله اذ يمثل احد اركان الاسلام ولكن القارئ في سلوك الناس يجد تفاوتا بينا في تفاعلاتهم مع الشهر وبالتالي تأثيره فيهم.
في قراءة فاحصة لأهداف الصوم ندرك انه مكون اساسي في الشخصية المسلمة وبالتالي للمجتمع كله لما فيه من الحكم والأسرار الدينية والدنيوية وهده بعض تلك الحكم مأخوذة من كتاب بغية الانسان في وظائف رمضان للحافظ ابن رجب الحنبلي مع نوع من التصرف .
ينطلق هدا الامام من قوله صلي الله عليه وسلم .(ترك شهوته وطعامه من اجلي) ويقول
-تخلي القلب للفكر والذكر فان تناول هذه الشهوات يقسي القلب ويعميه وتحول بين العبد والذكر والفكر ويستدعي الغفلة.
-ان الغني يعرف قدر نعمة الله عليه باقداره له علي ما منعه من كثير من فضول الطعام والشراب والنكاح بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص
-ان الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن ادم فتسكن وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب ولهذا جعل النبي صلي الله عليه وسلم الصوم وجاءا.
ثم يسرد الامام فهما دقيقا لحقيقة الصوم قدمه جابر ابن عبدالله(ادا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع اذي الناس وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء)
ثم يتناول قصة امرأتين صامتا عما احل الله لهما وأفطرتا علي ما حرم الله عليهما حيث جلست احداهما الي الاخري فجعلتا تأكلان لحوم الناس ومن ثم يقول (ولهذا المعني والله اعلم ورد في القران بعد ذكر تحريم الطعام والشراب علي الصائم بالنهار ذكر تحريم اكل اموال الناس بالباطل فان تحريم هدا عام في كل زمان ومكان بخلاف الطعام والشراب فكان اشارة الي ان من امتثل امر الله في اجتناب الطعام والشراب في نهار صومه فليتمثل امره في اجتناب اكل الاموال بالباطل فانه حرم بكل حال ولا يباح في وقت من الاوقات )
ان من حكم الصوم الترفع عن الاخلاقيات الذميمة (واعلم انه لا يتم التقرب الي الله تعالي بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب اليه بترك ما حرم حرم الله في كل حال من الكذب والظلم والعدوان علي الناس في دمائهم وأعراضهم ولهذا قال النبي صلي الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع لطعامه وشرابه)ولذلك فان التقرب الي الله بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب اليه بترك المحرمات ) انتهت الاقتباسات
ربما جاء تناول هذه المعاني متأخرا بعض الشيئ و هذه هي الحقيقة ولكن المراد من تناولها الان هو التأكيد علي ضرورة استصحاب هذه المعاني في حياتنا اليومية حتى بعد خروج شهر الصوم لان الترفع عن سفاسف الامور والأخلاق الذميمة والتحلي بالمراقبة الذاتية واستشعار اوضاع المحتاجين والصبر والجلد امام المغريات لقيم تؤدي الي رقي الامة وقوتها وبمراعاتها والتمثل فيها يكون الصوم كفارة الي الرمضان القادم اذا اجتنبت الكبائر وبدلك فقط يؤدي الصوم غرضه وتتحقق الغاية المرجوة منه وهي تحقيق عامل التقوى .
أحمد هاشم يوسف