مع اقتراب موعد الامتحانات في كل عام دراسي وخاصة الامتحانات الوزارية للمراحل الثلاثة الابتدائية والمتوسطة والثانوية يصبح الشغل الشاغل للابوين  البحث عن مدرسين خصوصيين لأبنائهم يدفعهم الي ذلك حرصهم الشديد علي توفير كل أسباب نجاحهم.

وقد احالني ما اتابعه من تفاصيل في هذا السياق الي اول عهدي بموضوع الدروس الخصوصية فعدت بذاكرتي إلى الوراء عشرين عاماً وتذكرت أول مرة سمعت فيها كلمة دروس خصوصية وكنت حينها في السنة السادسة من المرحلة الابتدائية عندما عينو لنا مدرساً جديداً للرياضيات التي كانت من أصعب المواد وأبغضها إلى نفسي .

ومن اليوم الأول اكتشف هذا المدرس القادم من بلد عربي شقيق ضعف مستوانا في مادة الرياضيات ومواد علمية أخري الأمر الذي دفعه إلى عرض خدماته فبدأ يحدثنا عن خبرته في الدروس الخصوصية ومهاراته وقدراته الفذة وعن سعداء الحظ الذين صنحت لهم فرصة الاستفادة من دروسه الخصوصية .

فانبهرنا كثيراً بهذا الموضوع الجديد المثير بالنسبة لنا نحن الذين لم نكن نسمع في تلك الفترة بهذا الموضوع إلا لملما عبر المسلسلات العربية على شحها واجتاحتنا نوبة من الحماس المفرط حتى خُيّل لنا أننا أمام فرصة تاريخية للتميز والارتقاء فإذا بنا نتسابق على تسجيل أسمائنا في ورقة الأستاذ المشرعة لاستقبال اكبر عدد ممكن لأخذ الدروس الخصوصية في أكثر من مادة واحدة وكان أخوكم الفقير الى الله من أكثر المتحمسين في أخذ هذه الدروس في أغلب المقررات الدراسية بحثاً عن التميز والارتقاء السريع لدرجة أنه خصصت لي ورقة خاصة تليق بمقام 7 مواد حددتها وأصبح أسمى يتردد على لسان أستاذنا ( الخصوصي ) الذي كرس زمن الحصة لهذه القضية القومية بطريقة جميلة منغمة حتى خشيت عليه من الإصابة بالعين فرددت الأدعية التي تعلمتها من الوالدة وأدخرها لكل المواقف العصيبة ..

المهم خرجنا من الحصة دون إثارة أي نقاش حول الجوانب المالية للعملية .. واتضح فيما بعد أنها كانت مؤجلة وفي اللقاء الأول في بيت الدروس الخصوصية منزل أستاذنا المعظم بدأت العملية الحسابية فكان نصيب أخيكم في الله منها 35000 فرنك في الشهر على سبع مواد بمعدل 5000 فرنك لكل مادة فأصبنا بالصدمة من هذا الغلاء الفاحش فهذا المبلغ هو عينه ما كنا دفعناه للمدرسة منذ أن التحقنا بها أي خلال ست سنوات .

فأعلنا انسحابا جماعيا شذ عنه بعض من كان وضعهم خاصا يتناسب مع الدروس الخصوصية وهم فقط من حصلوا دون غيرهم على الدرجة الكاملة في كل مواد الأستاذ المبجل ربنا يذكره بالخير .

.

قم للمعلم وفه التبجيل .. كاد المعلم إن يكون رسولاً ورحمه الله الشاعر ورحم معه من قال في حقهم هذا البيت من المعلمين والمعلمات إلا من أبى.

 

جمال أحمد ديني