رعى رئيس الجمهورية، السيد إسماعيل عمر جيله، يوم أمس الأربعاء، في المكتبة والأرشيف الوطني، فعاليات افتتاح المنتدى الإفريقي الأول للجرائد الرسمية، المنعقد تحت شعار: «أفريقيا متصلة بعصر الجرائد الرسمية الرقمية»، وذلك بحضور رئيس الوزراء بالنيابة، وزير العدل المكلف بحقوق الإنسان، السيد علي حسن بهدون، ورئيس الجمعية الوطنية، السيد دليتا محمد دليتا، إلى جانب عدد من أعضاء الحكومة، من بينهم وزيرة الشباب والثقافة، السيدة هبو مؤمن عسووه، والأمين العام للحكومة، السيد ألمس محمد عبد الله، فضلًا عن وفود رسمية وضيوف من جهات ومؤسسات متعددة.
ويهدف المنتدى إلى تعزيز الحوكمة التشريعية في القارة الإفريقية من خلال تطوير أداء ونطاق الجرائد الرسمية، ويشهد مشاركة ممثلين من 17 دولة إفريقية، من بينهم أمناء عامون للحكومات وخبراء في الأرشفة والنظم القانونية.
عقب الجلسة الافتتاحية، قام رئيس الجمهورية، برفقة وزيرة الشباب والثقافة والأمين العام للحكومة، بزيارة معرض الأرشيف الوطني، الذي يضم وثائق تاريخية ومقتنيات تراثية تعكس محطات بارزة من تاريخ جمهورية جيبوتي.
رئيس الجمهورية: الحفاظ على الذاكرة المؤسسية مسؤولية وطنية وفي كلمته الافتتاحية، أعرب الرئيس جيله عن سعادته برعاية النسخة الأولى من المنتدى الإفريقي للجرائد الرسمية، مرحّبًا بجميع الوفود المشاركة من أنحاء القارة.
وقال رئيس الجمهورية «يسعدني أن أشارك في هذه النسخة الأولى من المنتدى الإفريقي للجرائد الرسمية، ويزداد هذا الشعور قوة وأنا أشارك هذا اليوم مع أخواتنا وإخواننا من مختلف دول القارة. إن حضوركم بيننا يشكل بوابة للغوص في ماضينا وتاريخنا، وأدعوكم خلال هذا المنتدى إلى التعمق في ذاكرتنا الجماعية، كما سيفعل مواطنونا طوال هذا الشهر في هذا المعرض المُقام هنا، والذي يروي حكاية الذاكرة والتاريخ والسيادة، وقبل كل شيء، اللقاء والتبادل: وهما جوهر بلدنا.
لقد أطلقنا العديد من الإصلاحات لإنشاء الجريدة الرسمية الإلكترونية، إدراكًا منا بأن حفظ الذاكرة الوطنية ووثائقها ليس ترفًا، بل ضرورة ملحة لتعزيز الهوية الوطنية»0
وأكد الرئيس أن الجريدة الرسمية الإلكترونية تتيح لجميع المواطنين الاطلاع على القوانين واللوائح، سواء الحالية أو السابقة، مشيرًا إلى أنه تم رقمنة 125 عامًا من التاريخ القانوني، مع نية التوسع مستقبلًا نحو فترات أقدم تشمل عصور السلطنات.
كما شدد على أهمية تطوير التشريعات وتحسين إمكانية الوصول إلى البيانات القانونية، مشيرًا إلى أن هذا المنتدى يوفر منصة لتبادل الخبرات وابتكار حلول إفريقية لمواكبة عالم سريع التغير، حيث أصبحت البيانات جزءًا أساسيًا من قوة الدول وركيزة لسيادتها.
واختتم كلمته قائلًا «إذا أردنا لقوانيننا أن تحظى بالاحترام والاستمرارية، فيجب أن نبدأ باحترامها من خلال حمايتها وتيسير الوصول إليها في الفضاء الرقمي. وبهذا، أعلن افتتاح المنتدى الإفريقي الأول للجرائد الرسمية».
الجريدة الرسمية مرآة الذاكرة وضمان للشفافية من جانبه، أكد الأمين العام للحكومة، في كلمته أن هذا المنتدى يكتسي أهمية خاصة كونه يجمع الدول الإفريقية لأول مرة حول موضوع الجرائد الرسمية، لما لها من دور مركزي في الحوكمة القانونية وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع. وأشار إلى أن الجريدة الرسمية هي النافذة التي تُنشر من خلالها القوانين والمراسيم والقرارات الرسمية، مؤكدًا أن فقدان أو تلف أي عدد منها يمثل خسارة لجزء من التاريخ الوطني والذاكرة المؤسسية.
وشدد على أهمية تبني سياسات أرشفة فعالة، وتدريب الكوادر، والاستثمار في البنية التحتية، مستشهدًا بالمكتبة الوطنية الجديدة التي تستضيف هذا الحدث، ومعرض «جيبوتي إرث 2025»، الذي يفتح أبوابه طوال شهر كامل لتلاميذ المدارس والجمهور.
وأضاف: «في عالم تسوده السرعة وتدفق المعلومات، لم يعد مقبولًا ألا يكون الوصول إلى أنظمتنا القانونية فوريًا، وقد تجاوزنا هذه العقبة في جيبوتي عبر منصتنا الرقمية، ونعمل حاليًا على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي لتطويرها أكثر».
معرض «جيبوتي إرث 2025» يحتفي بتاريخ الأمة بدورها، عبّرت وزيرة الشباب والثقافة، عن فخرها باحتضان جيبوتي لهذا الحدث القاري، مؤكدة أن بلادنا، باعتبارها نقطة التقاء حضاري بين إفريقيا والعالم العربي وآسيا، لطالما كانت جسرًا بين الثقافات والذاكرات.
وقالت الوزيرة: «معرض «جيبوتي إرث 2025» ليس مجرد رحلة عبر الزمن، بل هو تكريم لنضالات وتضحيات وأحلام شعبنا. من العصور ما قبل الاستعمار إلى الكفاح من أجل الاستقلال، ومن مراحل التوحيد الوطني إلى الانفتاح الدبلوماسي، يروي المعرض قصة مقاومة وصمود، ويُبرز كيف أصبحت جيبوتي، رغم صغر حجمها الجغرافي، قوة دبلوماسية كبيرة، وواحة للاستقرار في المنطقة».
واختتمت الوزيرة كلمتها بتأكيد أن المعرض يمثل ثمرة جهد جماعي بين مؤسسات الدولة لتوثيق التراث الوطني، ويعد نافذة مفتوحة للجمهور العام لتعزيز الوعي بالذاكرة التاريخية والثقافية لجيبوتي.
ويشكل هذا المنتدى محطة مفصلية لتعزيز التعاون القاري في مجال الحوكمة التشريعية والشفافية القانونية، كما يعكس التزام جمهورية جيبوتي بمكانتها كمركز ثقافي وتاريخي واستراتيجي في إفريقيا، وعزمها على مواكبة العصر الرقمي بأدوات عصرية تعزز السيادة والهوية الوطنية.