عاد رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله، إلى البلاد بعد ظهر يوم أمس الأول الثلاثاء، بعد مشاركته في القمة الإفريقية الأوروبية السابعة، التي انعقدت في العاصمة الأنغولية لواندا، يومي ٢٤ و٢٥ نوفمبر الجاري. انعقدت القمة تحت شعار: «تعزيز السلام والازدهار من خلال تعاون متعدّد الأطراف فعّال»، وتضمن جدول أعمالها أربعة محاور أساسية، هي قضايا السلام والأمن، وتوسيع آفاق الاندماج الاقتصادي والتبادل التجاري، والتحولين الأخضر والرقمي، إضافة إلى ملفات الهجرة والتنمية البشرية.

 وتمثل هذه المجالات إطارًا موجها للتعاون بين القارتين بهدف دعم الاستقرار وتطوير فرص النمو المشترك.

وأضاف رئيس الجمهورية قائلا:»أود أن أتطرق هنا إلى موضوعٍ يرتبط بشكل مباشرة بالاستقرار الدولي: وهو أمن البحر الأحمر.

 فهذا الفضاء البحري ليس مجرد ممر لوجستي، بل يمثل شريانًا حيويًا للتجارة الدولية، ومحورا لأمن الطاقة، ونقطة وصل استراتيجية بين أوروبا وآسيا وأفريقيا.

كما تعلمون جميعًا، منذ نهاية عام ٢٠٢٣، تواجه الملاحة في البحر الأحمر تهديداتٍ خطيرة، بما في ذلك الهجمات المسلحة على السفن، والتوترات الإقليمية المستمرة، وعودة ظهور القرصنة في خليج عدن.

وقد أدت هذه الأعمال إلى تعطيل سلاسل التوريد الدولية، وزيادة تكاليف النقل البحري، وإضعاف اقتصادات القارتين.وتتحمل جيبوتي، الواقعة في قلب مضيق باب المندب، كامل مسؤولياتها كدولة مشاطئة.

مع ذلك، نؤكد مجددا أن استقرار وأمن البحر الأحمر المستدامين لن يتحققا إلا من خلال مقاربة جماعية، منظمة وشاملة، تقوم على تنسيق وثيق بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي.

ويجب أن تصبح حماية هذا الممر البحري الاستراتيجي أولوية مشتركة.

وفي هذا الصدد، أود أن أشيد بالتزام الاتحاد الأوروبي من خلال عملية (EUNAVFOR ASPIDES)، التي مُددت حتى عام 2026.

لقد ساهمت هذه المبادرة في تعزيز الأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن.

 ومع ذلك، فإن التحديات التي نواجهها تتجاوز قدرات عملية واحدة.

 لذلك، لضمان أمن مستدام، من الضروري بناء التعاون البحري وحوكمته وإدارته بشكل مشترك من قبل أوروبا والدول الساحلية والمنظمات الإقليمية الأفريقية.

 تدعم جيبوتي الإسراع في وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية (SOFA) واضحة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع عملية أتلانتا.

 كما يجب إدماج عملية ASPIDES ضمن هيكل إقليمي متكامل ومتوافق مع مبادئ الرؤية المشتركة 2030».

وأردف الرئيس جيله قائلا: «بصفتها الدولة المضيفة لمقر الهيئة الحكومية للتنمية (IGAD) ورئيس دورتها الحالية، تود جيبوتي التأكيد على الدور المحوري لهذه المنظمة في تحقيق السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.

فقد تأثرت منطقتنا ، بين عامي 2022 و2025، بالحرب في السودان، والوضع الهش في جنوب السودان، والضغط الهجروي مع وجود ما يقرب من 300 ألف مهاجر على أراضينا، إضافة إلى عودة انعدام الأمن البحري.

 في مواجهة هذه التحديات، تظل الهيئة الحكومية للتنمية (الإيجاد) المنصة الإقليمية الأكثر مصداقية للوساطة، والدبلوماسية الوقائية، والإنذار المبكر، وأمن الحدود، والتكامل الإقليمي.

 وندعو شركاءنا الأوروبيين إلى تعزيز دعمهم، بما يتماشى مع نتائج حوار جيبوتي والاتحاد الأوروبي في مارس 2024 والالتزامات التي قُطعت خلال مشاورات مايو 2025.

وأخيرًا، لم يعد بإمكاننا تحمل مواجهة تحدياتنا المشتركة بإجراءات مجزأة أو مرتجلة.

يجب أن تكون هذه القمة لحظةً للوضوح والمسؤولية، لحظةً لإعادة تحديد أسس شراكة متجددة تضع الاستثمار الاستراتيجي والتحول الاقتصادي في صميمها.

وتظل جمهورية جيبوتي ملتزمةً التزامًا كاملًا بالعمل مع جميع شركائها الأفارقة والأوروبيين لجعل شراكة الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي نموذجًا للتعاون المتوازن الموجه نحو المستقبل».

رئيس الجمهورية يجري محادثات مع نظيره الفرنسي على هامش القمة أجرى رئيس الجمهورية محادثات مع الرئيس الفرنسي السيد/ إيمانويل ماكرون، على هامش القمة الإفريقية الأوروبية في لواندا.

واستعرض الرئيسان خلال الاجتماع العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية.

وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، رحّب الرئيسان بدخول معاهدة التعاون في مجال الدفاع (TCMD) حيز التنفيذ في سبتمبر الماضي، كما نوها بالاجتماع المقبل للجنة متابعة المعاهدة، المقرر عقده في جيبوتي في ديسمبر المقبل.

وفيما يتصل بالجانب الاقتصادي، وخاصة مشروع المطار الجديد الكبير، أعرب الرئيسان عن ارتياحهما للتقدم الملحوظ المحرز نحو الإسراع في إتمام عملية تنظيم طاولة مستديرة حول ترتيبات التمويل.

 كما رحّب رئيسا البلدين بالقرار الأخير الصادر عن مؤتمر وزراء الفرانكوفونية، الذي عُقد في كيغالي يومي 18 و19 نوفمبرالجاري، باختيار جيبوتي لاستضافة البعثة الاقتصادية للفرانكوفونية في أكتوبر 2026، حيث من المتوقع أن يحضرها أكثر من 200 جهة فاعلة من العالم الفرانكوفوني.

 على الصعيد الإقليمي، تبادل رئيسا البلدين وجهات النظر بإسهاب حول الأزمات الكبرى المختلفة التي تعصف بالمنطقة، واتفقا على مواصلة جهودهما المشتركة للحفاظ على السلام والاستقرار.

كما جرى التطرق إلى دور جيبوتي المحوري ركيزة للاستقرار ورئاستها الحالية للهيئة الحكومية للتنمية (الإيجاد)، وإسهاماتها الفعالة في تعزيز الأمن البحري وعمليات حفظ السلام في الصومال وأماكن أخرى في إطار الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيجاد.

 حضر اللقاء وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد/ عبد القادر حسين عمر، وسفير جمهورية جيبوتي في مملكة بلجيكا، ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأوروبي السيد/ آدن محمد دليتا، والسفير الجيبوتي في إثيوبيا، ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي السيد/ عبدي محمود هيبي.