تبنت الحكومة الجيبوتية خلال اجتماع مجلس الوزراء مؤخرا مشروع قانون ينظم البيع الجزئي أو الكلي لأسهم الدولة في المؤسسات العامة، وفي هذا الاطار فتحت الحكومة أسهم شركة الاتصالات الوطنية «جيبوتي تليكوم» لمستثمري القطاع الخاص، وستعرض الدولة حصة أقلية هامة من حصتها في الشركة لشريك استراتيجي رائد في هذا المجال.
ولمعرفة المزيد عن أبعاد وأهمية هذا التوجه الذي تبنته الحكومة في الأسبوع المنصرم، أجرى وزير الاقتصاد والمالية، المكلف بالصناعة السيد/ إلياس موسى دواله مقابلة حصرية مع وسائل الاعلام الوطنية «الاذاعة والتلفزيون وجريدتي القرن والأمة»، واستعرض خلالها الوزير الخطوط العريضة لسياسة الحكومة بشأن خصخصة بعض مؤسسات القطاع العام، وأهمية فتح أسهم شركة جيبوتي تليكوم لمستثمري القطاع الخاص، ومسائل أخرى ذات صلة بهذا الشأن، وفيما يلي نورد لكم فحوى حديث الوزير خلال المقابلة.
السوال الأول: في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزارء، تبنت الحكومة قانونا جديدا يرمي الى البيع الجزئي او الكامل لأسهم بعض المؤسسات العامة، لماذا جاءت هذه الخطوة في الوقت الحالي، وما هي إيجابياتها على الاقتصاد الوطني؟
الوزير: طبعا في الأسبوع الماضي صادقت الحكومة بقيادة رئيس الجمهورية الحاج/ اسماعيل عمر جيله في جلسة مجلس الوزراءعلى قانون يقضي بفتح رأس مال وأسهم بعض المؤسسات العامة أمام المستثمرين الوطنيين والأجانب، وتوضح هذه المبادرة طموح الحكومة بقيادة قائد نهضة بلادنا الرئيس اسماعيل عمر جيله لتحديث الاقتصاد الوطني ووضع آليات وإجرءات ترمي لجذب أفضل الشركاء الاستراتجيين المحترفين لدعم تحديث المؤسسات والقطاعات الحيوية الحكومية، وإن موضوع الخصخصة في جيبوتي ليس أمراً جديداً، ففي التسعينات قامت الحكومة بخصخصة بعض المؤسسات والشركات التابعة لها أمثال فندق الشيراتون، وكذلك شركة ألبان جيبوتي، وأخيرا خصخصة الموانئ قبل عشرين عاما من الآن. وينتظر أن تشهد الفترة المقبلة ذات التجربة الناجحة بخصخصة قطاعات حيوية أخرى، مع توخي الحيطة والحذر والاستفاذة من التجارب الماضية، حيث تسعى جيبوتي إلى الخصخصة لتخفيف العبء عن الميزانية العامة للدولة وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج الإجمالي. إن خصخصة الأصول المملوكة للدولة، ومنها الشركات الحكومية، ستؤدي إلى زيادة الموارد المالية للدولة واستثمارها وإحداث أثر إيجابي وتنمية الأدوات الاستثمارية والقدرات المالية للبلاد وأجهزتها العامة، كما ستسهم الخصخصة في تنمية قطاعات جديدة. وتتمثل إيجابيات الخصخصة في رفع جودة وكفاءة الخدمات المقدمة وزيادة فاعلية الدور التنظيمي والرقابي للأجهزة، وتحفيز وتنشيط التنوع الاقتصادي وزيادة التنافسية لمواجهة التحديات على المستويين الإقليمي والدولي، وتعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين ميزان المدفوعات وتوفير المزيد من فرص العمل. وتسعي الحكومة بقيادة رئيس الجمهورية السيد/ اسماعيل عمر جيله دوما إلى زيادة دور القطاع الخاص بالقدر الذي يتناسب مع إمكاناته وموارده في عملية التطوير وجعله شريكاً كاملاً في عملية التنمية الاقتصادية.
وقد جعلت الحكومة قطاع الاتصالات باكورة خصخصة بعض المؤسسات التابعة لها، وهناك دراسة لخصخصة بعض المؤسسات في قطاعات أخرى كالسياحة والطاقة، وأود أن أنتهز الفرصة للتأكيد على أن الخصخصة التي نطبقها في البداية في مجال الاتصالات ستكون خصخصة جزئية وليست كلية بمعنى أن الدولة لن تتنازل كليا عن أسهم الشركة، بل ستتنازل عن الجزء التشغيلي في شركة الاتصالات «جيبوتي تليكوم» وهذا الجزء لا يؤثر على الموظفين والعمال الجيبوتيين، وبالتالي لم يكون له أي آثار سلبية من الناحية الاجتماعية، وباختصار يمكن القول إن خصخصة بعض المؤسسات العامة الحيوية في بلادنا ستترتب عنها إيجابيات كثيرة على الاقتصاد الوطني.
السؤال الثاني: ما هي الدوافع التي كانت وراء البيع الجزئي لأسهم شركة الاتصالات الوطنية «جيبوتي تليكوم» لمستثمري القطاع الخاص، وما هي الآثار الإيجابية المتوقعة لخصخصة قطاع الاتصالات؟
الوزير:كما تعلمون فإن جميع دول العالم ومن بينها الدول الأفريقية، قامت بخصخصة قطاع الاتصالات منذ فترة، وجيبوتي وإثيوبيا كانتا البلدين الوحيدين اللذين تأخر فيهما قطار الخصخصة في قطاع الاتصالات، وقد بادرت إثيوبيا بخصخصة قطاع الاتصالات قبل شهرين، وعليه يتحتم علينا ان نلحق بركب دول العالم في هذا المضمار، خاصة أن بلادنا سباقة في مجال الاتصالات بامتلاكها العديد من الكوابل البحرية، وكما تعلمون فإن بلادنا سخرت الاتصالات لخدمة الاقتصاد في اطار ترجمة وتجسيد السياسة التنموية التي انتهجها رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله، وكرست في ذات الوقت استثمارات كبيرة لتحديث بنيتها التحتية، وقد تم تصميم هذه الإستراتيجية لتلبية متطلبات تسارع التطورات التكنولوجية، للاستفادة الكاملة من موقعنا الجغرافي الاستراتيجي بجعل جيبوتي مركزا إقليميا للاتصالات، كما أن رؤية جيبوتي 2035، تؤكد وضع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على قائمة أولويات البرامج الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال تحسين الوصول إلى هذه التكنولوجيات، وخاصة تكنولوجيا الاتصال ذات النطاق العريض، وتحسين المسؤولية والفعالية والشفافية بهذا الخصوص، ووضع القطاع الخاص أي الخصخصة ضمن ٲبرز الٲولويات لدعم التنمية المستديمة.
أما فيما يتعلق بالآثار الايجابية المتوقعة لخصخصة قطاع الاتصالات يمكن ذكر الإنعكاسات الايجابية لهذه العملية، والتي تكون ملموسة في هذا القطاع برمته، بمختلف المستفيدين منه، الحكومة والشركة والناس، ومنها: تحسين جودة خدمات الاتصالات وتخفيض التعرفة، وتوفير فرص عمل جديدة بشكل مباشر وغير مباشر للشباب في جيبوتي، فضلا عن توفير أموال إضافية جديدة للحكومة من عائدات أسهم الشركة، وارتفاع تصنيف جييوتي دوليًا في مجال سرعة الإنترنت، وتحريك الاقتصاد الجيبوتي بشكل عام، وإيجاد بيئة جاذبة للاستثمار والأعمال، وأخيرًا لا شك في أن فَتْح السوق الجيبوتي أمام شركات الاتصالات العالمية كان يُعد حلمًا بعيد المنال يراود المهتمين بتكنولوجيات قطاع الإتصالات في جيبوتي، بل حتى عامة الناس من مواطنين ومقيمين وزوار من أجل حصولهم على خدمات متميزة في سرعة الانترنت والاتصالات.
السوال الثالث: ما هي الاصلاحات التي قامت بها الحكومة من أجل التحول الرقمي؟
الوزير: قام رئيس الجمهورية السيد/ اسماعيل عمر جيله من خلال تشكيلة حكومته الجديدة بإنشاء وزارة معنية بالاقتصاد الرقمي والابتكار، وذلك ادراكا منه بأن التنمية الرقمية ضرورية لتحسين الظروف المعيشية للجيبوتيين من خلال توسيع تنوع شرايين الاقتصاد الوطني، وتعزيز مكانة البلاد كمركز لوجستي وتجاري وتكنولوجي بالمنطقة، ودعم الشباب في مجال ريادة الأعمال والابتكار لخلق العديد من فرص العمل والحد من ظاهرة البطالة قي صفوف هذه الشريحة المهمة من المجتمع.
كما أن الابتكار التكنولوجي ينطوي على إمكانات هائلة لجيبوتي، إذ بالإمكان تحقيق نمو كبير لإجمالي ناتجها المحلي من خلال الاستفادة من الطاقات الكاملة للاقتصاد الرقمي، أضف إلى ذلك أهمية التحول الرقمي في خلق سوق عمل ملائم لمتطلبات المستقبل، ورفع مستويات المعيشة لكل شرائح السكان، كما أن الانتقال الى عالم الرقمنة يساعد بلادنا على استغلال إمكاناتها الرقمية، وتعبئة القطاعين العام والخاص، بضمان حصول أكبر عدد من المواطنين والشركات على خدمات عالية الجودة للاتصال بالإنترنت بأسعار معقولة، وإمكانية الوصول بسهولة إلى الخدمات الرقمية المحلية عبر الإنترنت لتحفيز الطلب، وجعل الاقتصاد الرقمي محركًا للنمو والابتكار وخلق فرص عمل وتشكيل جيل جديد من المواطنين القادرين على استخدام هذه التكنولوجيا.
ان مركز القيادة وريادة الأعمال يسعى منذ إنشائه حتى يومنا هذا لوضع الابتكار في صميم النمو وخدمة الشركات وتعزيز روح المبادرة لدى الشباب من رواد الأعمال، وخلق جيل يمتلك الحماس والرغبة، وقادر على تحمل المسؤولية والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في بلادنا.
إن المبادرات الرامية إلى إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تشكل أساس أي اقتصاد سليم وديناميكي والسبيل الوحيد لخلق الوظائف، وأن الديناميكة الاقتصادية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بهذه الأفكار التي يحملها شبابنا والتي من المحتمل أن تكون واعدة.
السؤال الرابع: أين تسير جهود الحكومة لدعم المواطنين الذين تأثرت انشطتهم اثناء الحجر الصحي؟
الوزير : في سياق غير مسبوق، شهد العالم أزمة صحية خطيرة للغاية، ورغم أن حدتها قد خفت مقارنة بالسنة الماضية، لم تسلم جيبوتي من تداعيات هذه الأزمة، ولكن بفضل توجيهات رئيس الجمهورية بشأن إحتواء الأزمة، تمكن الشعب الجيبوتي، من الحد بشكل كبير من الآثار السلبية للجائحة بإتباعه للإجراءات الفعالة اللازمة، وقبل أن أدخل في صلب الموضوع، اسمحوا لي بأن أشارك الآلام مع أولئك الذين فقدوا أحدا من أقاربهم، وأحيي أيضا عمل كل أولئك الذين كافحوا من أجل إنقاذ الأرواح وهم موظفو المهن الطبية والإسعافات الأولية.
إن الحكومة تواصل منذ بداية الأزمة وحتى يومنا هذا إتخاذ تدابير تضامنية وطنية لمعالجة العواقب المالية والاجتماعية لهذه الأزمة الصحية. وقد شملت هذه التدابير ضمان الموارد اللأزمة لجميع أولئك الذين اضطروا إلى التوقف فجأة عن أنشطتهم أثناء فترة الاغلاق، أما بالنسبة للعمالة بالأجر اليومي والعائلات الفقيرة، فقد طالتهم أيضا الجهود التضامنية للحكومة حيث سارعت الحكومة على مساعدتهم بما يلزم.
السوال الأخير: سيادة الوزير هل من كلمة تودون قولها في ختام هذه المقابلة؟
الوزير: إن مستقبل اقتصادنا اليوم بفضل قائد نهضة جيبوتي الحديثة الرئيس إسماعيل عمر جيله، هو أكثر إشراقا من الأمس لأنه يعتمد على رؤية ثاقبة وأنا على يقين بأننا قادرون على الفوز في هذا الكفاح الكبير للحفاظ على الوطن ومكتسباته، ونؤكد التزامنا التام بتبني كل ما من شأنه أن يضمن ذلك لجمهورية جيبوتي، وبالرغم من أننا نعيش في منطقة غير مستقرة تشهد نزاعات واضطرابات إلا أننا معروفون بالتعايش السلمي وحب السلام والوئام والتفاهم بين الشعوب، ويشهد لنا التاريخ على أننا شعب لديه مبادئ ويحترم الجيران، وكل هذا يعزز مصداقيتنا أمام العالم، وسنواصل تنفيذ مشاريعنا في المختلف المجالات بما في ذلك خصخصة المؤسسات العامة بالشراكة مع الشركات العالمية، والتي ستعود بالنفع والفائدة على اقتصادنا، وسنستمر أيضا في مساعينا لجعل بلدنا مركزا للتبادلات التجارية وهدفنا الأساسي من كل ذلك هو ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة وخلق فرص عمل ومحاربة البطالة، وعلى المواطنين المحافظة على اللحمة الوطنية ومواجهة أي تهديد ضد بلادنا من الخارج، وليحفظ الله جيبوتي وشكرا.