تفاقمت ظاهرة الجوع في جنوب السودان منذ بداية 2019 رغم توقيع اتفاق سلام أدى بشكل واسع إلى توقف المعارك في هذا البلد الغارق في الحرب منذ أواخر 2013، بحسب ما أعلنت عدة وكالات للأمم المتحدة الجمعة الماضية.وقالت هسياو واي لي من برنامج الغذاء العالمي (بام)في مؤتمر صحافي في جوبا، «في كل سنة (منذ بداية النزاع) يبلغ الجوع مستويات غير مسبوقة». وأضافت «أن ملايين الناس لا يعلمون من أين ستأتي وجبتهم التالية».ويحدد مؤشر «الإطار المندمج لتصنيف الأمن الغذائي» (اي بي سي) الأكثر استخداما في هذا المجال، خمس مستويات للوضع الغذائي في كل بلد أعلاها الخامس وهو مستوى «الكارثة».واعتبرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) وبام في بيان ان 6,96 ملايين شخص اي 61 بالمئة من السكان سيبلغون المستووين الثالث والرابع والخامس من انعدام الأمن الغذائي في يوليو مع الفترة الواقعة بين انتهاء محاصيل العام الماضي وقبل المحاصيل الجديدة.وكان هذا الرقم مطلع عام 2019، عند مستوى 6,1 ملايين شخص.وأوضح البيان أن الفترة بين المحصولين «بدأت بشكل مبكر هذه السنة بسبب ضعف مخزون محاصيل 2018 وامتدت (أكثر من العادة) بسبب تأخر الأمطار الموسمية في 2019».وأضاف انه مع عدم الاستقرار الاقتصادي وآثار النزاع ونزوح السكان وتزايد نسبة التضخم، ضمن أسباب أخرى، «ساهم كل ذلك في تراجع الحصول على الغذاء».أما الولايات الأكثر تأثرا فهي جونقلي (شرق) والبحيرات (وسط) والوحدة (شمال) وأعالي النيل (شمال شرق) وشمال بحر الغزال (شمال غرب). وكان تم الإعلان عن مجاعة «سببها البشر» لبضعة أشهر عام 2017 في بعض مناطق البلاد.ومع أن التعريف الاصطلاحي للمجاعة لم يعد ينطبق حاليا على جنوب السودان، فان عدد الأشخاص الذين يعانون من وضع انعدام الأمن الغذائي يزداد منذ 2017.وللمفارقة، من المتوقع أن يبلغ عدد الأشخاص في المستوى الخامس 21 ألفا في تراجع عن 30 ألفا في يناير 2019.وقال محمد اغ ايويا ممثل اليونيسيف بجنوب السودان في البيان «مع استقرار أكبر في البلاد، فقد تحسنت عمليات الوصول الى من يحتاجون مساعدة».لكنه أضاف «إلا أن مستويات سوء التغذية تبقى حرجة في العديد من المناطق ونخشى تدهور الوضع أكثر خلال الاشهر المقبلة».من جهته، لفت بيار فوتييه المدير المساعد في منظمة الفاو في جنوب السودان إلى أن الـ21 ألف شخص قد يصبحون في وضع «مجاعة» إذا لم يتم القضاء على أسباب جوعهم.وغرقت دولة جنوب السودان التي نالت استقلالها عام 2011، في حرب أهلية في ديسمبر 2013 اثر اتهام رئيسها سالفا كير وهو من قبائل الدينكا، نائبه السابق رياك مشار وهو من قبائل النوير، بتدبير انقلاب عليه.وخلف النزاع الذي شهد فظاعات ولجوء للاغتصاب كسلاح حرب، أكثر من 380 ألف قتيل، بحسب دراسة صدرت في الفترة الأخيرة.كما دفع أكثر من أربعة ملايين شخص ،أي نحو ثلث السكان، إلى مغادرة منازلهم. وأدى اتفاق سلام أبرم في سبتمبر 2018 إلى تراجع كبير في المعارك التي لم تتوقف تماما رغم ذلك.