أطلقت خبيرة اقتصادي بارزة تحذيراتها لحكومة نيروبي بأن آفاق النمو الاقتصادي خلال العام الجاري 2018 تبدو قاتمة نظرًا لأن كينيا تتعرض لضغوط ائتمانية كبيرة، وتضخم فاتورة الدين العام، وارتفاع أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية.
كانت كينيا شهدت العام الماضي ضغوطًا كبيرة، واعتبر عام 2017 من الأعوام الصعبة التي عاشتها البلاد إذ تراجع نمو الناتج المجلي الإجمالي إلى 5ر4 في المائة مقابل 8ر5 في المائة في العام الذي سبقه متأثرًا بموجة الجفاف العاتية التي ضربت البلاد وامتداد حالة الركود بسبب طول أمد فترة الانتخابات الرئاسية التي شهدتها كينيا العام الماضي.قالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في «بنك ستاندرد شارترد»، رازيا خان، إن على كينيا أن تتوقع تعافيًا متوسطًا خلال العام الجاري لتسجل 6ر4 في المائة و4ر5 في المائة في عام 2019 بسبب وجود عوامل تجعل من الصعوبة بمكان على الحكومة التعهد بتنفيذ إجراءات ملموسة للتعزيز المالي.
أشارت إلى أنه في ضوء عجز البنك المركزي الكيني عن تحفيز نمو الائتمان إلى القطاع الخاص من خلال آلية معدل فائدة البنك المركزي، فإن نمو الائتمان على وجه الخصوص سيكون له أثر سلبي على الاقتصاد لأن المؤسسات المصرفية والتجارية ستسعى لاختيار بدائل إقراض أكثر أمنًا، ولاسيما أذون الخزانة الحكومية.
تشير خان في شهادتها إلى أن البنك المركزي الكيني حدد مؤشر سقفًا لسعر فائدة الإقراض الخاصة به عند 10 في المائة في ظل سوق يتسم بأن نمو الائتمان في القطاع الخاص سجل هبوطًا حادًا إلى 4ر2 في المائة من الناتج المحلي بعد أن كان 25 في المائة قبيل إقرار سياسة وضع حد لأسعار الفائدة الرئيسية في عام 2016، مبينة أن المركزي الكيني رفع أسعار الفائدة الرئيسية أعلى بأربع نقاط مئوية من المستوى الذي كان سائدًا.
قالت في هذا الصدد إن كينيا فقدت بذلك المحرك للنمو بفرض سقف عال لأسعار الفائدة على نحو لا يخدم احتياجاتها الاقتصادية الراهنة.»، ودعت خان حكومة نيروبي إلى إلغاء اللوائح المفروضة في عام 2016 لتلافي وعلاج الوضع الراهن الذي قامت فيه الحكومة بإطاحة القطاع الخاص من سوق الائتمان الذي شرعت البنوك فيه إلى اختيار بدائل إقراض أقل مخاطرة.
على صعيد الدين العام في كينيا، بينت الخبيرة الاقتصادية أنه بات يلامس 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما قد يؤثر على قدرة البلاد على إجراء المزيد من الاقتراض من الأسواق الدولية، لافتة إلى أنها قد تواجه عزوفًا من جانب المستثمرين الذين سينظرون إلى البلاد على أنها تكافح من أجل تحقيق تعهداتها بالتعزيز المالي.
يؤثر ذلك أيضا على قدرتها على سداد ملياري دولار قيمة السندات الأوروبية «اليوروبوند» المستحقة السداد في عام 2024، في ظل توقعات سائدة بأن حكومة كينيا قد تلجأ مجددًا إلى الاقتراض مع خيار طرح سندات أوروبية أخرى لتسوية الدين الراهن.
كان الدين العام الإجمالي في كينيا سجل العام الماضي 4ر40 مليار دولار بما يعادل 59 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 6ر37 مليار دولار في عام 2016 بما يوازي نحو 8ر51 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016، وهو ما أرغم البلاد على سداد ثلث إيراداتها على الأقل لتسديد الديون المستحقة، الأمر الذي جعل من الصعوبة بمكان تمويل مشروعات التنمية.
كشفت تفاصيل موازنة الدولة في عام 2017 أنه تم سداد 6ر2 مليار دولار في صورة مدفوعات فوائد الديون، وعلى صعيد ضغوط ارتفاع أسعار النفط وملامسته حاجز 70 دولارا للبرميل، فإن «بنك ستاندارد شارترد» رغم توقعه استقرار سعر البرميل حول 61 دولارًا، قال إن تلك الزيادة في أسعار الخام في الأسواق العالمية سترتب ضغوطًا متزايدة على عجز الحساب الجاري في كينيا، الذي قدرت أن يصل إلى 2ر6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي حاليًا.
قد احتلت كينيا الترتيب 112 عالميًا في قائمة توقعات أداء المؤشرات الاقتصادية الكلية للعام 2018 وهى القائمة التي ترصد عدة معايير للأداء الاقتصادي من بينها الاستقرار المالي، والقوة المؤسسية، والانفتاح، ورأس المال البشري، غير أنها لم تتصدر بلدان قارة أفريقيا إذا سبقها في الأداء 11 دولة أفريقية أخرى.
قال تقرير أعدته شركة «KMPG» للمراجعة والاستشارات المالية إن موريشيوس وبوتسوانا ورواندا تصدرت أكثر الدول الأفريقية على مؤشر «النمو الموعودGPI»، الذي يرصد عددا من مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي.
وبينت الشركة – التي تتخذ من لندن مقرا لها – في تقريرها إن كينيا تميزت بإدارتها الجيدة للعجز الحكومي ومستويات الدين العام، كما تشهد انفتاحًا على صعيد رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتجارة الكلية. وقد تعاطت المؤشرات الأخرى مع مجالات البنية التحتية الأساسية التي تمتد إلى الخدمات المالية وجودة بنية النقل والجاهزية التكنولوجية.
ولفت التقرير إلى أنه على صعيد القوة المؤسسية، تربعت رواندا على صدارة البلدان في قارة أفريقيا نظرًا للأداء المؤسسي المتميز الذي يعزى إلى جودة اللوائح والقوانين، والاستقلالية التشريعية، وشفافية الحكومة في صناعة القرار، والرقابة على الفساد وإدارة الأعمال وحقوق الملكية.
رغم تفوق رواندا وموريشيوس وبوتسوانا على كينيا في الترتيب على مؤشر «النمو الموعود»، غير أن البلدان الثلاثة جاءت بعد كينيا على صعيد مؤشرات الاستقرار الاقتصادي والمالي، وقد زاد عجز الموازنة الكينية إلى 8 في المائة غير أنه من المتوقع انخفاضه إلى أكثر قليلًا من 6 في المائة في استراتيجية مشروع الموازنة المقبلة 2018/ 2019.
على صعيد الدين العام في كينيا، فإنه يسجل راهنًا أزيد من 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي جراء زيادة الاقتراض لإقامة مشروعات السكك الحديدية في البلاد، غير أنه من المخطط تراجعه إلى أقل من 50 في المائة بحلول العام المالي المقبل.