في إطار حركة متنامية واهتمام واسع بالموانئ والحركة البحرية، دشن السودان خلال الأيام الماضية عدداً من المشروعات البحرية التي تتصل بهذا القطاع، ومن بينها ميناء «هيدوب» على ساحل البحر، لتصدير الثروة الحيوانية والأسماك والفواكه والخضراوات، والحوض العائم «أرياب» بميناء الأمير عثمان دقنة، لتقديم خدمات صيانة السفن الدولية العابرة لميناء بورتسودان، الذي يعتبر المنفذ البحري الرئيسي للبلاد ولدول الجوار إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطي.
كما دشن السودان نظام الرقابة الإلكترونية على حركة ومنشآت الموانئ الأربعة الواقعة في ميناء بورتسودان المطل على البحر الأحمر في شرق البلاد، وذلك خلال حفل كبير في ميناء بورتسودان حضره النائب الأول للرئيس السوداني ورئيس مجلس الوزراء الفريق أول ركن بكري حسن صالح، ووزير النقل مكاوي محمد عوض، ومديرو الشركات الصينية والهولندية المنفذة للمشاريع.
ويعتمد النظام على استخدام غرف تحكم لرصد حركة الملاحة في ساحل بورتسودان، بما يتوفق والمعايير الدولية للمنظمة العالمية لحركة الملاحة، وذلك لحماية البواخر ومتابعة كل ما يحدث في المياه الإقليمية في المنطقة.
وتأتي تلك التحركات ضمن خطة لهيئة الموانئ السودانية، لإحياء أسطولها البحري بعد رفع الحصار الاقتصادي الذي منع عنها قطع الغيار والتقنيات والرخص العالمية لسنين كثيرة، ما أقعد حركتها وأضعف مواكبتها للعالم. كما يتزامن تدشين المرافق الجديدة في ميناء بورتسودان على رأسها ميناء تصدير الماشية، مع إعلان وزارة الثروة الحيوانية عن وضع خطة لزيادة صادرات البلاد من الماشية إلى أكثر من 7 ملايين رأس خلال العام المقبل.
ويستوعب الميناء 3 سفن في وقت واحد، ويمكنه استيعاب 3 سفن أخرى في المرحلة الثانية لتطوير المشروع. وسيتم من خلال الميناء تصدير الثروة الحيوانية بقيمة مضافة، حيث يجري العمل حالياً على طرح فرص للاستثمار في المسالخ والاستفادة من مخلفات الحيوان. وأبدت ماليزيا قبل أشهر رغبتها في الاستثمار في مجال المسالخ في ميناء بورتسودان.
وقال وزير الثروة الحيوانية السوداني الدكتور جمعة أرو في تصريحات صحافية حول الانتقادات لتصدير الثروة الحيوانية السودانية حية بهذه الأعداد الكبيرة، دون تصنيعها، إن الخطة لتصدير 7 ملايين رأس تتضمن الاحتفاظ بالمكونات الوراثية للماشية السودانية وتحسين أنواعها لزيادة قدراتها الإنتاجية في المستقبل، بما يضمن تطوير الأصول الوراثية للسلالات المحلية، وعلى رأسها الإبل والاستزراع السمكي، باعتبارهما مرتكزاً للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما يتزامن تدشين المرافق الأربعة في ميناء بورتسودان، مع التوقعات بزيادة كبيرة في الحركة التجارية العالمية عبر الميناء بعد رفع الحصار الاقتصادي، خصوصاً تجارة الترانزيت مع الدول المجاورة، مثل إثيوبيا وتشاد وأفريقيا الوسطي وجنوب السودان، والتي وقعت الخرطوم معها اتفاقيات على نقل تجارتها عبر ميناء بورتسودان.
ويستوعب ميناء «هيدوب» الجديد لتصدير الماشية، الزيادة الكبيرة في أعداد الماشية المصدرة من السودان، التي بلغت حتى الربع الأول من العام الحالي نحو مليوني رأس من الماشية والإبل والأغنام، تعادل قيمتها 255 مليون دولار، مقابل 247 مليون دولار للفترة نفسها من العام الماضي.
إلى ذلك تترقب هيئة الموانئ السودانية وصول وفد من خفر السواحل الأميركية إلى البلاد نهاية الشهر الحالي، لاستكمال المباحثات والاتفاقات حول فتح خط ملاحي يربط ميناء بورتسودان بموانئ الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد حصول السودان على شهادة ورخصة دولية بأن خطوطه الملاحية المتجهة إلى أميركا تعتبر آمنة بالمقاييس الدولية.
ووفقاً لمصادر في هيئة الموانئ البحرية السودانية، فإن وفد خفر السواحل الأميركي سيبحث بجانب مشروع الخط الملاحي بين موانئ البلدين، كيفية تطوير ميناء بورتسودان ليواكب حركة السفن العالمية المتوقعة بعد رفع الحصار، موضحة أن الزيارة سبقتها زيارات متعددة لوفد فني يضم مستشارين وخبراء اقتصاديين في سبتمبر (أيلول) الماضي، وقف أثناءها على استعدادات وترتيبات الموانئ السودانية، خصوصاً الوضع الأمني للميناء والخطوط الملاحية المتجهة إلى الولايات المتحدة.
وأبرم السودان اتفاقية مع الصين في يوليو الماضي لبناء أسطوله البحري، واتفق مع جارته إثيوبيا على منحها ميناء خاصاً على ساحل البحر الأحمر. كما أسس شركة بديلة للخطوط البحرية السودانية في يوليو تحت اسم «سنجنيب».
وصادق السودان في منتصف يونيو الماضي على 5 اتفاقيات دولية لحماية البحار والملاحة البحرية من أخطار التلوث الناتج عن حركة تفريغ سفن النفط والغاز في الموانئ.
وتلزم الاتفاقية، وهي واحدة من متطلبات المنظمة العالمية للملاحة (آي إم أو)، والتي تضم البلدان التي لديها موانئ على معظم بحار العالم، الدول الموقعة باتخاذ الاحتياطات اللازمة في حالة التلوث الملاحي، والإبلاغ عن أي حالة تلوث في الموانئ والمياه الإقليمية والاستعداد والاستجابة والتعاون في حالة التلوث النفطي.