بالتعاون الوثيق مع المجلس الأعلى الإسلامي، نظم معهد الوسطية وثقافة السلام، التابع لوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف، يوم الاثنين الماضي في القاعة الصغرى بقصر الشعب، مؤتمر علماء شرق إفريقيا، بالتزامن مع إحياء المولد النبوي الشريف، وإطلاق الطبعة الأولى من ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة العفرية. 

وفي مستهل المناسبة قام رئيس الوزراء، رئيس الحكومة بالإنابة، السيد/ عبد القادر كامل محمد، وبرفقته وزير الشئون الإسلامية والأوقاف السيد/ مومن حسن بري، بزيارة الجناح الذي ضم معرض المصحف الشريف المترجم معانيه باللغة العفرية. 

واستغرقت الترجمة ستة أعوام وتمت بدعم رئيس الجمهورية، السيد/ إسماعيل عمر جيله، ووزير الشئون الإسلامية والأوقاف، ووزير الرئاسة المكلف بالاستثمار الراحل، السيد علي جيله أبو بكر وآخرين، فضلا عن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي قام بعملية الطباعة (18 ألف نسخة).  

وانعقدت هذه المناسبة برعاية رئيس الوزراء، وبحضور العديد من أعضاء الحكومة، بالإضافة إلى مدير عام معهد الوسطية وثقافة السلام، السيد/ ألسلي أحمد عبد الله، والعديد من كوادر الوزارة، وممثلين للمنظفات الخيرية، فضلا عن العشرات من العلماء والدعاة من جيبوتي ومن دول شرق إفريقيا، لاسيما من إثيوبيا والصومال.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحدث يُعدُّ أول فعالية لمعهد الوسطية وثقافة السلام، الذي تم إنشاؤه حديثا لتعزيز التماسك الاجتماعي وقيم التضامن الوطني، والتصدي للطرف الفكري والديني.

وفي كلمة له بهذه المناسبة أكد رئيس الوزراء، رئيس الحكومة بالإنابة، أن مؤتمر علماء شرق إفريقيا يمثل فُرْصَةُ مُهِمَّةٍ لِاِجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وتَعْزِيزِ رَوَابِطِ الْأُخُوَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْمَنْطِقَةِ الَّتِي نَرْتَبِطُ بِهَا بِعَلَاقَاتٍ اِجْتِمَاعِيَّةٍ وَتَارِيخِيَّةٍ قَدِيمَةِ. 

وأضاف قائلا: «إننا نَعْمَلُ دَائِمًا عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى هَذِهِ الرَّوَابِطِ الْمُتَمَيِّزَةِ بَيْنَ شُعُوبِ الْقَرْنِ الْإفْرِيقِيِّ، فِي إِطَارِ السِّيَاسَةِ الْحَكِيمَةِ الَّتِي رَسَمَهَا فَخَامَةُ رَئِيسِ الْجُمْهُورِيَّةِ السَّيِّدِ إسْمَاعِيل عُمَرَ جِيلِهِ لِجَعْلِ هَذِهِ الْمَنْطِقَةِ تَنْعَمُ بِالتَّنْمِيَةِ والرَّخَاءِ والْاِزْدِهَارِ والْأَمْنِ والسَّلَاَمِ، لِصَالِحِ كَافَّةِ شُعُوبِ الْمِنْطَقَةِ. 

كما اغتنم الْمُنَاسَبَةَ لِتَهْنِئَةِ الْجَمِيعِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ، متمنيا لِهَذَا الْاِجْتِمَاعِ كُلَّ النّجَاحِ والتَّوْفِيقِ فِي التَّأْكِيدِ عَلَى رِسَالَةِ التَّنْمِيَةِ والسَّلَاَمِ ونَشْرِ التَّسَامُحِ والْاِعْتِدَالِ». 

وفِي الْأَخِيرِ وجَّه السيد/ عبد القادر كامل محمد التَّهْنِئَةَ لِتَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِاللُّغَةِ الْعَفَرِيَّةِ، وهُوَ حُلْمٌ يَتَحَقَّقُ بِفَضْلِ الْجُهُودِ الَّتِي بَذَلَهَا الْمَشَايِخُ والْعُلَمَاءُ، بَعْدَ سَنوَاتٍ مِنَ الْعَمَلِ الْمُتَوَاصِلِ. 

من جهته، أعرب وزير الشئون الإسلامية السيد مؤمن حسن بري عن بالغ سروره للمشاركة في هذه المناسبة المكرسة لافتتاح مؤتمر علماء شرق إفريقيا بالتزامن مع إحياء المولد النبوي الشريف، وأعرب عن الشكر والامتنان لرئيس الوزراء، رئيس الحكومة بالإنابة على رعاية الحفل ومرحبا بالمشاركين ولاسيما العلماء الذين قدموا من دول الجوار من الصومال وإثيوبيا. 

وفي معرض حديثه عن المولد النبوي الشريف قال «إن هذه المناسبة العظيمة تكون فرصة لتجديد العهد بالحبيب المصطفى وإحياء مآثره وشمائله وسيرته الشريفة لترسم لنا طريق الهداية والصلاح».  

وأضاف قائلا: «بفضل السياسة الحكيمة لفخامة رئيس الجمهورية السيد إسماعيل عمر جيله - يحفظه الله ويرعاه - عملت الوزارة على إعلاء مكانة العلماء والأئمة والدعاة ليقوموا برسالتهم في ترسيخ الأمن الاجتماعي ونشر فضائل الأخلاق والقيم وتعظيم معاني التضامن والتآخي بين أفراد المجتمع الجيبوتي.   

وفي هذا الإطار، يجب على الأئمة والدعاة والحكماء والعقال العمل على الحفاظ على هذه الأخوة الإنسانية ومحاربة خطاب الكراهية، والسعي لتعزيز الروابط الاجتماعية وخدمة السلام والتسامح والتعايش بين الأمم، وهذا التواصل الإنساني الذي نقوم به من خلال هذا المؤتمر سوف يكون عاملا محفزا لتقوية علاقات الأخوة الدينية والتاريخية بين مختلف شعوب المنطقة.   

وفي ختام الكلمة، اعتبر وزير الشئون الإسلامية والأوقاف ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة العفرية بأنها إنجاز كبير وعمل يستحق التنويه. 

وأردف السيد/ مؤمن حسن بري قائلا: «أود الإشادة بالمبادرة التي قام بها بعض الشيوخ من إخواننا العفر بخصوص ترجمة كلمات القرآن الكريم إلى اللغة العفرية، وهو إنجاز كبير وعمل يستحق التنويه. وقد قمنا بدعم هذا العمل وعملنا الاتصالات اللازمة لطباعة هذا المجهود الضخم بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية الشقيقة التي قامت مشكورة بالتوجيه لطباعة المصحف المترجم في مُجمع الملك فهد بن عبد العزيز لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، والحمد لله تعالى، فقد تسملنا 18000 نسخة من سفارة خادم الحرمين الشريفين بجيبوتي».      

بدوره، أعرب الشيخ/ أحمد حسن قطبي أمين عام ملتقى علماء الصومال عن الشكر والتقدير للقيادة السياسية في جيبوتي بقيادة رئيس الجمهورية، السيد/ إسماعيل عمر جيله، وكذلك وزير الشئون الإسلامية والأوقاف، على الجهود الملموسة التي يبذلونها لخدمة الدين الإسلامي.

من جانبه، استعرض الشيخ/ محمود عبد القادر حمزة ممثل اللجنة المكلفة بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة العفرية في كلمته المراحل المختلفة التي استغرقتها عملية الترجمة والطباعة والجهات المختلفة التي أسهمت في تنفيذ هذا الإنجاز التاريخي. 

ومن ناحيته، تحدث مدير عام معهد الوسطية وثقافة السلام، في كلمته في افتتاح مؤتمر علماء شرق إفريقيا، عن أهدف المعهد التابع لوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والذي جرى إنشاؤه مؤخرا. 

وفي هذا الصدد أضاف قائلا: «يهدف المعهد إلى نشر الفكر المعتدل واعتماد منهج الوسيطة في توجيه الخطاب الديني وإعداد الأئمة والدعاة. 

ويساهم هذا الصرح أيضا في إعداد الطاقات الوطنية وإيجاد أرضية فكرية تنطلق منها الإبداعات لخدمة بلادنا والحفاظ على الثوابت الحضارية للشعب الجيبوتي وخياراته الوطنية من خلال ترسيخ ثقافة السلام والسلم الأهلي وتعظيم قيم التكاتف والتعاون. 

وأعرب السيد/ ألسلي أحمد عبد الله عن أمله في يصبح المعهد مؤسسة رائدة في إعداد الدراسات والبحوث في مجال نشر ثقافة الاعتدال والسلام، ما من شانه تعزيز مكانة جيبوتي كمركز للإشعاع الحضاري ورمزا للتسامح والانفتاح على مستوى منطقة القرن الإفريقي.