إن توفير المعلومات الصحية والدقيقة عن تعداد سكان البلاد وأهم خصائصهم الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والتركيبات العمرية والنوعية للسكان وكافة المؤشرات المتعلقة بظروفهم المعيشية وأوضاعهم السكنية والبيئية والجغرافية ومستوياتهم التعليمية والثقافية ومعدلات النمو والتطور الاجتماعي والتنموي يساعد في تحديد الأولويات ورسم السياسات والمخططات والبرامج التنموية اعتماداً على قاعدة معلوماتية دقيقة وانطلاقاً من اهتمام الحكومة الجيبوتية بتطوير وتحسين الأوضاع الاجتماعية وتلبية حاجات المجتمع الاقتصادية والتنموية، وعلى هذا الأساس تم نشر نتائج الإحصاء العام الثاني للسكان والإسكان ليتسنى للحكومة وشركاء التنمية أخذ بياناته في الحسبان عند صياغة مخططاتهم وبرامجهم، ووفقاً لنتائج الإحصاء العام الثاني للسكان والإسكان فإن تعداد سكان جمهورية جيبوتي يقدر بحوالي 818159 نسمة ويصل عدد سكان مدينة جيبوتي إلى 475322 نسمة أي ما يعادل نحو 1ر58% من إجمالي سكان البلاد أو 6 من كل 10 أشخاص ويشكل سكان الحضر الذين يعيشون في مدينة جيبوتي وكبريات مدن الأقاليم الداخلية الخمسة 6ر70% من مجموع سكان البلاد أي 7 من كل 10 أشخاص ويمثل سكان الريف والبدو الرحل 30% من إجمالي السكان ويقدر الشباب الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً بنحو 35% من مجموع السكان وتصل نسبة السكان من سن 15 عاماً إلى سن 59 سنة 7ر60% من إجمالي تعداد السكان ولا تشكل الفئات الهرمة من السكان من سن 60 عاماً فأكثر سوى 1ر4% وأن نسبة الإناث هي 2ر46% من مجموع عدد السكان وأن نسبة الذكور تبلغ 8ر53% من السكان ويتبين من هذا الإحصاء أيضاً أن 2ر18% من السكان أي 1 من كل 5 أشخاص لا يملك مأوى أو يعيش في سكن مشترك. ويبلغ حجم متوسط عدد أفراد الأسرة الجيبوتية 602 في الأسر العادية.
فما هي آثار أرقام حجم السكان وهيكل الأعمار والتوزيع الجغرافي للسكان في البلاد ومستويات الخصوبة والزيادة الطبيعية والظروف المعيشية والخصائص الاجتماعية والاقتصادية لأفراد الأسر الجيبوتية على مسيرة التنمية؟ وجهود الحكومة من أجل التغيير وتسحين الأوضاع ومكافحة الفقر والبطالة وتنمية المجتمع وتحقيق طموحات وتطلعات الجيبوتيين في كافة المجالات؟ وكيف نتجاوز التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي ترافق التحولات الديمغرافية في كل مرحلة مرت بها البلاد . شهدت جيبوتي خططاً تنموية طموحة تستهدف تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة وزيادة النمو في القدرة الإنتاجية للبلاد وتطوير مقدراتها وتنمية الموارد البشرية والطبيعية، وتحديث أجهزة الدولة وتفعيل أداءها، وتفرز نتائج الإحصاء الأخير تزايداً في معدلات التحضر وترافقه تحديات اجتماعية واقتصادية وعمرانية وتنموية وأدت عوامل اقتصادية واجتماعية وبيئية إلى زيادة نسبة التحضر، حيث يشكل سكان الحضر في جمهورية جيبوتي 6ر70% من مجموع سكان البلاد وتعيش الغالبية العظمى منهم في مدينة جيبوتي وما حولها، وترجع هذه العوامل إلى ارتفاع مستوى المعيشة وزيادة السكان وازدياد النزوح إلى المدن وتكرار حدوث موجات جفاف وتمركز الأنشطة الاقتصادية والتجارية ومجالات العمل في مدينة جيبوتي وفي مدن الأقاليم الداخلية ولاشك أن تزايد السكان ومعدلات التحضر يتطلب نمواً اقتصادياً في العديد من القطاعات التنموية والعمرانية ووضع أسس تحدد القطاعات ذات الأولية للسكان الحضر "التعليم، الصحة، العمل، الضمان الاجتماعي، المياه، الطاقة، الإسكان".حيث تتضاعف حاجات المجتمع الحضري إلى هذه الخدمات الضرورية للحياة العصرية ولذلك تولي الحكومة قطاع الزراعة أولوية خاصة لمحاربة الفقر ولإبقاء سكان الريف في مناطقهم وإعادة تأهيل المنشآت الريفية ومن أجل ضبط النزوح الجماعي نحو المدن المكتظة أصلاً وتقليل معدلات الهجرة الداخلية والاتجاه نحو المدن.وفيما يتعلق بالتركيب العمري للسكان يلاحظ أن نسبة الفئات العمرية الشابة الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً وتشكل نسبة 35% من السكان ولذلك فإن قاعدة هرم سكاننا عريضة ومن المتوقع أن تشهد نمواً سريعاً في عدد سكانها كبقية الدول النامية وسيوفر ذلك حجماً كبيراً من القوى العاملة وتواصل الحكومة جهودها الكبيرة لتطوير الاقتصاد وتحسين المستويات المعيشية من خلال تطبيقها لبرامج إصلاحات اقتصادية متتالية من أجل تنويع مصادر الدخل وتحسين الحياة الاجتماعية إذا التزمت الحكومة خلال الأعوام المنصرمة بمواصلة السياسات الإصلاحية الرامية إلى تعزيز الموازنة العامة وخفض العجز فيها وتطوير الاقتصاد الكي وحشد الموارد اللازمة لمحاربة الفقر والاستثمار في الموارد البشرية فتحسنت بيئة الاقتصاد الكلي في جيبوتي ويلاحظ ذلك من خلال الارتفاع المستمر الذي سجله الناتج المحلي الإجمالي وحققت الموازنات العامة للبلاد فائضاً متزايداً عاماً بعد عام وفيما يتعلق بالاستثمارات تخصص أكثر من 25 مليار فرنك لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرامية إلى تقليص الفقر كبناء الطرق والمؤسسات التعليمية التي تواكب احتياجات توفير التعليم لجميع الأطفال الذين يشكلون قاعدة عريضة من السكان والمراكز الصحية لتقريب الخدمات الصحية للسكان ولتوفير الرعاية الصحية للجميع، وتهيئة الأحياء وتحسين ظروف الإسكان وتوفير المساكن الاجتماعية للمواطنين والقضاء على ظاهرة السكن العشوائي وبناء وحدات سكنية مع الخدمات الأساسية التي تلبي حاجة السكان المتزايدة في هذا المجال وتعزيز شبكة الصرف الصحي واستغلال المياه السطحية وإيجاد حل ناجع لمشكلة البطالة ورفع مستوى معيشة الأهالي وتنمية سياسة اجتماعية تمكن من تقليص الفقر وفقاً لخطط عمل وأولويات المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية وتعزيز اللامركزية وحماية حقوق الطفل وضمان رفاهيته والتركيز على خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي يستفيد منها الأطفال وتوظيف الشباب واستيعابهم في سوق العمل وذلك من خلال خلق أكبر عدد ممكن من فرص العمل وتوفير التدريب المهني والتأهيل لتعزيز فرص حصول الشباب على المهارات المطلوبة في سوق العمل لتنمية الموارد البشرية لأن زيادة النمو في القدرة الإنتاجية للبلاد تتوقف أساساً على كمية ونوعية موارد البلاد البشرية والطبيعية.وستمكن مؤشرات النمو السكاني من رسم السياسات والبرامج اللازمة لتنمية الموارد البشرية وبلورة خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية.

عبد السلام علي آدم