اشتهرت جمهورية جيبوتي بأنها أرض للتبادل واللقاء، حيث اهتمت بتعزيز مكانتها المركزية في العلاقات التجارية الدولية، فمنذ حصولها على السيادة الوطنية، انضمت إلى عدة منظمات إقليمية ودولية وحرصت على تكوين علاقات حميمة مع كافة مكونات المجتمع الدولي، تستند على التفاهم وتعميق روابط الإخاء والصداقة، وتفعيل القواسم والمصالح المشتركة مع الشعوب والبلدان التي ترتبط بجيبوتي علاقات ثنائية وروابط تاريخية، وانفردت بإتباع سياسة دبلوماسية فعّالة تحافظ على توازن المنطقة وترعى الأمن والاستقرار فيه، وتدفع نحو تعزيز التفاهم وإشاعة قيم السلم وثقافة الحوار وترسيخ التعاون والتبادل لتحقيق التكامل الإقليمي والدولي.
وفي الوقت الراهن الذي يشهد وجود إرادة سياسية بناءة من أجل الشراكة تمخضت عنها مشاريع عملاقة دفعت بمسيرة التنمية، وتعتزم بتنفيذ طموحات تنموية تتخطى المساحة الجغرافية لبلدنا فإن إستراتيجية جمهورية جيبوتي المتعلقة بتعزيز سياسة الشراكة ترتكز على توسيع دائرة هذا التعاون والتبادل والتكامل وتعزيز العلاقات مع كافة الدول الشقيقة والصديقة ودفعها إلى آفاق أشمل تجسد تطلعاتنا في النمو والازدهار وتخلق روابط متينة للعمل المشترك بيننا وبين تلك الدول، وتجسد قدرتنا على العمل معاً والنجاح في تحقيق المشاريع الكبرى، وذلك بفضل الإرادة السياسية والثقة والرؤية المشتركة فيما بيننا بشأن مستقبلنا ومصلحتنا التي تعتبر أمراً لا غنى عنه للتنمية والتكامل، وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن تحقيق رؤية وسياسة رئيس الجمهورية لجعل البلاد مركزاً إقليمياً للتجارة والأعمال ولذلك تسعى الحكومة إلى اغتنام كل الفرص التي يتيحها لها موقعها الإستراتيجي المميز وعلاقاتها المتميزة التي تربطها بمختلف شركاء التنمية من الأشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية لبلورة التنمية ولترويج الاقتصاد الوطني بإظهار إمكاناته الاستثمارية وتحقيق الانفتاح على الخارج الذي يعتمد عليه، ووضع أسس شراكة جديدة له تدمج كل الفاعلين الاقتصاديين من الداخل والخارج، وتمكن جيبوتي من لعب دور رئيسي بين بلدان القرن الإفريقي وبقية العالم، وإن إرساء أسس هذه الشراكة يتطلب إيجاد بيئة ومناخ سياسي ودبلوماسي يتيح توفير سبل خلق شراكات إستراتيجية واقتصادية إقليمية وعابرة للقارات تنطلق من تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول المنطقة والعالم لصالح التنمية وطبيعة الاقتصاد الوطني الذي يعتمد على الخدمات والتبادلات التجارية وأدركت الحكومة هذا الأمر فأعادت رسم علاقاتها الإستراتيجية على ضوء تلك المعطيات، ومعرفة حقيقة أن المساعدة المالية لفرنسا من خلال صندوق المساعدة والتعاون لا تكفي للاستثمار في مشاريع التنمية، فقامت بتطوير تنميتها الاقتصادية عن طريق زيادة تبادلاتها مع جيرانها المباشرين ومحيطها الجغرافي ومع الأسواق الإقليمية ذات أبعاد دولية وعقد الشراكة مع السوق الخليجية بفضل القرب الجغرافي ومكانة العلاقات المتميزة التي تربطها بدول الخليج وقد شهدت هذه العلاقات تقدماً وازدهاراً وعرفت آفاقاً جديدة من التعاون والتبادل وقد حرصت جيبوتي على رفع العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدول وتكثيف تواجدها الدبلوماسي فيها وتخطط ليشمل هذا التمثيل الدبلوماسي جميع بلدانها ليساهم في تطوير علاقات الشراكة وتنويع أوجه التعاون وزيادة حجم الدعم الذي تقدمه لها هذه الدول وصناديقها الإنمائية . وبنفس الدرجة تعمقت وتطورت علاقاتها مع كافة البلدان العربية الشقيقة التي تنتمي إليها وتشترك معها مصيراً واحداً وقد تم تأسيس لجان مشتركة بين جيبوتي وتلك الدول بشأن دفع عجلة التعاون والتبادل، وعلى هذا المنوال بسطت قنواتها الدبلوماسية مع دول صاعدة وكبرى كثيرة تقدم لها إسهامات قوية لدعم الأنشطة المرتبطة بمجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتهتم بتعزيز التكامل مع جيبوتي والقارة السمراء، واستقطبت دبلوماسية جيبوتي التي ترفع شعار الانفتاح على العالم اهتماماً سياسياً دولياً أسفر عن زيارة رؤساء دول كثيرة وكبيرة في المنطقة والعالم ووفود سياسية إلى جمهورية جيبوتي، وتوسيع رقعة علاقاتها مع العالم ففي الأسبوع الماضي تسلم رئيس الجمهورية أوراق اعتماد خمسة سفراء جدد معتمدين لدى بلادنا الذين أكدوا بأهمية السياسة البناءة التي تتبعها جمهورية جيبوتي بغية الحفاظ على توازن المنطقة وتعزيز الأمن والاستقرار كما عبروا عن حرص بلدانهم على تعزيز العلاقات الثنائية التي تربطها بجيبوتي، وتتواجد في بلدنا قوى وتحالفات تتعارض مصالحها ولكنها تلتقي في جيبوتي دون تصادم ولاشك أن رائد هذه السياسة البناءة رئيس الجمهورية الذي يسعى إلى تعزيز انتماء جيبوتي إلى القرية الكونية وهي متسلحة بتعدد الثقافات واللغات ويمثل سيادته نموذجاً لذلك لمواكبة خصوصيات موقعنا الجغرافي وطبيعة اقتصادنا الوطني وعلى رأس الدبلوماسية الجيبوتية كوادر تلبي هذا الهدف وتجسد أهمية تعدد الثقافات واللغات في هذا المجال وبفضل هذه الكوادر وفي مقدمتها وزير خارجية جيبوتي تقدر قنوات الدبلوماسية الجيبوتية أن تعزف بأهم لغات العالم وقد تنوعت مصادر المعرفة إذ نملك في الوقت الحالي مؤهلات علمية درست باللغات الإسبانية والإيطالية والتركية والصينية واليابانية وغيرها من لغات العالم ورسمت سياسة الانفتاح على العالم شراكات إستراتيجية مكّنت جيبوتي من أن تكون محوراً تجارياً واقتصادياً للإقليم وبفضل شراكة جيبوتي مع دبي فميناء دوراله على سبيل المثال يعد أكبر موانئ المنطقة وأكثرها أهمية وباستطاعة السفن العملاقة القادمة من سنغافورة أن تفرغ 1200 حاوية في جيبوتي قبل عبورها قناة السويس وهذا يجعل جيبوتي مركزاً إقليمياً لإعادة التوزيع إلى الأسواق الإفريقية وبوابة لسوق الكوميسا الذي يضم حوالي 400 مليون نسمة، وقد شهدت جيبوتي خلال السنوات الأخيرة تطورات تنموية وتوافد استثمارات أجنبية ومساهمة شركاء التنمية في دفع مسيرة التنمية، ونمواً كبيراً في القطاع المصرفي والمالي والاتصالات والاستثمارات.
وقد جذب ذلك إهتمام الإعلام العربي والعالمي حيث تصدرت صفحات جرائده وبرامج قنواته التطورات التي شهدتها الساحة الجيبوتية فودعت بذلك عهوداً من الغياب عن ساحة الإعلام الدولي كما دفع كتاباً كباراً في الخارج إلى تأليف كتب عن الآفاق الجديدة في جيبوتي .
فجيبوتي تمد جسر علاقات التعاون والشراكة مع أشقاءنا ليكون أساساً لبناء مشاريع عملاقة مثل مدينة النور والجسر العابر للقارات بين جيبوتي واليمن .

عبد السلام علي آدن