يحكى أن رجلاً طلبت منه زوجته أن يتزوج من امرأة أخرى لتنجب له البنين والبنات الذين لم تتمكن هي من إنجابهم له فأبى الرجل طلب زوجته لكنها ألحّت عليه مراراً وتكراراً وقطعت وعوداً وأيمانا مغلظة بأنها لن تفتعل أية مشاكل ولن تتسبب بأذى لضرتها المنشودة فقبل الزوج على مضض، وفي احد الأيام احضر الزوجة الثانية إلى المنزل وأدخلها غرفة معزولة وأغلق عليها الباب وقسم بينهما الليالي، فليلة يقضيها مع هذه وليلة مع تلك، وأكد لزوجته الأولى أن ضرتها لن تزعجها أبداً ولن تغادر غرفتها مهما حصل لأنها طيبة وبنت حلال، وبعد عدة أيام عاد الرجل إلى بيته فوجد زوجته الأولى باكية حزينة فسألها عن سبب حزنها وبكائها فأخبرته أن ضرتها ما أن يدير ظهره ويخرج حتى تكيل لها السباب والشتائم معيرة إياها بالعقم وعدم الإنجاب فثارت ثورة الرجل واحمرت عيناه غضباً وفتح الغرفة بالمفتاح الذي كان يحتفظ به وبيده عصا كبيرة قائلاً: "من تحسبين نفسك لكي تضايقي رفيقة دربي وتنعتينها بالعاقر إذا لم أكسر عظامك فلست رجلاً، فانهال عليها ضرباً حتى تكسرت عظامها كسراً فنادى زوجته الأولى ليريها الذي فعله بالأخرى ثأراً لها ولكرامتها الأنثوية فدخلت الغرفة ورأت قطعا من الرخام منتشرة في الغرفة وعلمت أن زوجها لم يتزوج عليها بل احضر جرة وألبسها ملابس فاخرة وأغلق عليها الباب فاندهشت الزوجة لما رأته ونظرت اليه وقالت له لا تستغرب يا زوجي العزيز فالضرة مرة ولو كانت جرة!!.
إن كانت الجرة بالأمس البعيد ضرة تلك المرأة التي أعمت الغيرة بصيرتها، فما أكثر ضرات اليوم، فهذا العصر الذي بات يعرف بعصر السرعة والتكنولوجيا وضع في كل بيت ضرات مختلفة للزوجة المسكينة فعلى سبيل المثال التلفزيون ذاك الجهاز العجيب اللاقط للصوت والصورة أخذ جزءً كبيراً من اهتمام الزوج فما أن يدخل المنزل حتى يجلس أمام شاشته الساحرة ليتابع ما تقدمه حسناوات الشرق والغرب من هلاك ودمار وحروب وانقلابات وانتخابات وزلازل وفيضانات وانفجارات وأمراض ومجاعات، حول العالم، فيبقى حائراً بين هذا الجمال الملائكي الآخذ بالألباب وما يحدثه من انفجار في قلبه وعقله، وبين هذه اللعنات والمصائب التي أصابت البشرية، فلا يدري أيفرح لهذا الجمال أم يبكي لهذه الأهوال. إلى جانب هؤلاء المذيعات الساحرات هناك المطربات الجذابات ذوات القوام الممشوق اللاتي كشفت المستور لإغراء رجال العالم ولإتعاس نسائه، فيبدأ الزوج بمقارنة هؤلاء الساحرات ذوات الشعر المستعار و الحواجب المستعارة والرموش المستعارة والوجه المنفوخ والممكيج الذي خضع لمئات العمليات التجميلية البعيد عن الجمال الطبيعي ، بزوجته المسكينة التي أحرقت شمعة عمرها لتضئ له ولأولاده الحياة ذات الجمال الطبيعي فهي الزوجة المطيعة والأم الحنون الرؤوم.
وفي أحايين كثيرة تبدأ الخلافات بين الزوجين بسبب التلفزيون فالزوجة تعصرها الغيرة لأن الزوج يقضي جل وقته في مشاهدة التلفزيون فبدل أن يأتي إليها فيحدثها عن يومه الذي قضاه خارج المنزل والأشياء الطريفة التي صادفته في الطريق وكل الأشياء التي حدثت له كتعثره بحجرة وتلعثمه بالكلام هذه الأشياء التافهة بالنسبة إليه والمهمة بالنسبة إليها. يتسمر أمام التلفزيون ولا يحرك ساكناً وإن نادته مئات المرات،
إن تحدث الزوج مع زوجته باستمرار وإعطائه لها وقتاً يريحها ويشعرها بأهميتها ويزيد ثقتها بنفسها والحوار بينهما علاج فعال لكثير من الأمراض التي باتت تصيب الأسر وتهدد بتفككها.
لذلك احذر عزيزي الزوج من التعلق بمشاهدة التلفاز والتصنم أمام شاشته العريضة وإلا ستتعرض لحروب باردة مجهولة المصدر ولا تتردد أبدا إذا أتتك مصيبة وراءه بتحطيم وجهه كما فعل صاحب القصة المذكورة آنفا فأنا أؤكد لك أن التلفزيون ضرة والضرة مرة أيا كانت.

صفية عبد الله احمد