وصل الرئيس إلى السلطة منذ أكثر من عام متعهداً باتباع نهج جديد في التواصل مع العالم الإسلامي مع التركيز على إسرائيل وفلسطين لكن الخطب الرنانة والمعسولة قد أفسحت الطريق أمام حالة من التراجع والجمود الباعث على الكآبة وخيبة الأمل ، فقد بلغنا أن العلاقة بين أوباما ونتنياهو ليست على ما يرام وسياسات الولايات المتحدة تقيد التفكير الابتكاري حول عملية لا نهاية لها تتمثل في البحث عن سبل السلام. كما لاحظ ديفيد ميلر الذي عمل مطولاً ضمن خطوط هذه العملية ، فإن الأمر سينتهي بالولايات المتحدة لأن تكون محابية لإسرائيل بدلاً من كونها وسيطا نزيها ،كما أفصح عنه أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي عندما تحدث حول قضية فلسطين.غير أننا لم نلحظ تغيرا كبيراً في تلك القيود إلا أن حاجة أوباما إلى تحقيق وعوده الانتخابية تزداد والصراع يحتدم في الولايات المتحدة ويحطم تدريجيا مسألة حل الدولتين مهما كان احتمال حدوث مفاوضات غير مباشرة، فالسماء ملبدة بالغيوم وإسرائيل تعمل على تشتيت الفلسطينيين والتصدي لأي محاولة لمد جسور العلاقات بين العرب وإسرائيل.وأعتقد أن قرون الاضطهاد وأحداث محرقة (الهوليكوس) التي أدت بدورها إلى واجب أخلاقي تمثل بوطن قومي لليهود ومطالبة أمريكا بحماية هذه المسألة لا يمكن أن يجيز لهم إخضاع الآخر أي الشعب الفلسطيني كما لا يمكن الوعد الذي قطعته أمريكا أن يكون شيكا مفتوحا للدولة اليهودية عندما تعمل سياستها على تفويض أهداف أمريكا المعلنة .
إحدى هذه السياسات مواصلة اسرائيل للاستيطان بلا هوادة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، فمنذ عقدين أعلن جيمس بيكر ومن بعده وزير الخارجية الذي أعقبه رفض أي ضم للأراضي ووقف أي نشاط استيطاني،وعندما القي أوباما خطابه في القاهر تطرق إلى هذه القضية وقال: نرفض شرعية المستوطنات الاسرائلية المستمرة.
ومنذ خطاب أوباما كان نتنياهو يعد بتجميد المستوطنات ويقوم بزرع شجيرات في المستوطنات واعتبارها جزءاً من حدود إسرائيل الطبيعية،قد تكون هناك عواقب من شأنها أن تحد من هذا النوع من الأفعال إلا أن هذا ليس وارداً في العلاقة الخاصة بين أمريكا وإسرائيل،في حين أن هدف الولايات المتحدة يتمثل في إحلال السلام بين الدولتين لكن المساحة الفعلية لبناء الدولة الثانية "فلسطين" آخذة في التلاشي يوماًَ بعد آخر،أيمكن النظر إلى علب السردين في قطاع غزة إلا من خلال اعتبارها نوعا من رسم كاريكاتيري مضحك بشأن الدولة المفترضة وبذلك سمحت أمريكا لنفسها بالهزيمة الذاتية والمضي قدما إلى مرحلة يصبح الرجوع عنها مستحيلاً . وفي الحقيقة فإن ذلك قد ساعد في دعم الهزيمة فالمستوطنات باهظة الثمن كما هو السياح الأمني (الجدار الفاصل) والذي يعد في حد ذاته آلية لضم الأراضي فحسب تقرير صدر مؤخراً عن مركز أبحاث الكونغرس فإن إجمالي المساعدات الأمريكية لإسرائيل بلغت 28.9 مليار دولاراً في العقد الماضي ، ومن المنطقي أن تضمن أمريكا أمن إسرائيل .
ونعتقد أنه من خلال العنف التحريضي على معاداة السامية والتهديدات بإزالة إسرائيل تساهم بعض الفصائل الفلسطينية إلى حد كبير في غياب السلام ويجعل من الصعب على الولاية المتحدة أن تراعي التوازن المطلوب وبالنسبة لأوباما فإن مضاعفة العمل بشأن التغلب على حالة الانقسام الفلسطيني تعتبر شرطا أساسيا لإحلال السلام بدلا من ممارسة لعبة عدم مصداقية المفاوض الإسرائيلي وخرق اتفاقات أوسلو المتفاوض عليها 1993 م.وقد ألغت منظمة التحرير الفلسطينية من ميثاقها العبارات المتعلقة بالإبادة عندما تصافح عرفات ورابيين في حديقة البيت الأبيض فإذا ما تكن هناك دولتان فستكون هناك دولة بين النهر والبحر وقريبا جداً سيقطنها مزيد من العرب الفلسطينيين أكثر من اليهود آنذاك إلى ماذا سيفضي الحلم الصهيوني ؟ لقد حان الوقت لكي يقوم أوباما بطرح الأرض بدلا من تقسيمها والسيطرة عليها .

عبد الرحمن حسن رياله
عضو في البرلمان