اجتاحت الصومال تحت رايات القبيلة وزعماء الحرب موجات حروب أهلية , وجرت انتهاكات في حقوق الإنسان بحق الشعب اتخذت أشكالاً متنوعة من القتل والتشريد والتعرض لأعراض الناس, وبرزت أيديولوجية القبيلة لتدك عوامل وحدة الشعب الصومالي الذي لا يوجد ما يفرقه ولتقطع أوصال البلاد وتعمق النزاع على السلطة , ولكن كانت هناك حرمات ومقدسات تسلم دائماً من التعديات , وأمور مسلمة لا تقبل إثارة الجدل حولها أو أن تكون جزءاً من الصراع وتحظى بالإجماع كالدين ومناطق عازلة من الحرب كدور العبادة , وفئات من الشعب لا يمكن استهدافها بشكل مباشر, ولم يكن معروفاً قتل الناس بسبب أفكارهم وآرائهم , وكانت الانتهاكات تقتصر على الأحياء دون الأموات , ولم يكن يحتوي قاموس الانتهاكات كل هذه الأشكال والأفعال التي استجدت ومازالت تتواصل فصولها ويتساءل الناس ماذا سيضاف إليها؟ ولم تكن التفجيرات والعمليات الانتحارية ضمن أساليب الحروب المألوفة في الصومال ؟ إلى أن ظهر في ساحات الصراع في الصومال لاعبون جدد يحملون راية الإسلام ويدعون أن غايتهم إشاعة وتطبيق الشريعة في ربوع البلاد, أما ما يحصل في أرض الواقع يشير إلى وقوع تعديات وانتهاكات لم تسلم منها الحرمات والمقدسات ويستغرب كل من يتابع مسلسل العنف ودوامة الصراع في الصومال كيف ومتى أصبح الدين عنوان أبشع حلقات العنف في الصومال التي تجري أحداثها المأساوية تحت مظلة المنظمات التي تسمي نفسها جهادية وترفع راية الدين ولكنها ترتكب أفظع الجرائم والانتهاكات التي تحويها ذاكرة العنف في الصومال . ففي كل يوم نسمع أو نشاهد من وسائل الإعلام قصصاً إخبارية عن أحداث وأفعال تجود بها قريحة الحركات المتطرفة في الصومال.
وتصب في مجري الانتهاكات , فمنذ أن وقعت البلاد في أتون حرب دينية وهي جديدة على مفردات الصراع في الصومال حدثت حروب أكثر دموية من نظيراتها السابقة ولم يسلم من تداعياتها قبور الأموات حيث كنا نسمع من وسائل الإعلام كيف كان يتبجح دعاة التطرف بنبش القبور واستخراج ما كان فيها من عظام أصحاب هذه القبور بحضور أقاربهم!
ولا دور العبادة حيث استهدف تفجير مزدوج أحد المساجد في العاصمة الصومالية مقديشو وأسفر الهجوم في مسجد عبدالله شيدي في حي سوق بكارة الذي يخضع لسيطرة حركة الشباب المتطرفة عن سقوط 45 قتيلا ومئات الجرحى ويذكر أن أحد قادة هذه الحركة وهو فؤاد محمد خلف كان المستهدف .وقبل هذا الحادث المفجع ورد في وسائل الإعلام وجود خلاف بين عناصر هذه الجماعة المتشددة , التي لا تتردد في إفناء كل صوت يقف في طريقها.
ويعد هذا الانفجار الثالث خلال أسبوع الذي يستهدف مساجد بالصومال و يجلجل الضمائر الحية ويثير عاصفة من التساؤلات حول كيف ولماذا يحدث هذا في الصومال ؟ وهل أصبحت دور العبادة ساحة للجهاد ؟
وهل يقف وراء هذا التفجير الأفكار التكفيرية المتشددة التي تحرك ماكينة حروب هذه الجماعات ؟
وتتسبب بوقع انشقاقات ونزاعات في صفوفها يمكن أن تتطور إلى حروب ؟ كيف نبرر إهدار الدماء الأبرياء سواء كانوا طلبة كخريجي كلية الطب في مقديشو أم مصلين في هذه المساجد؟
تأكد بالفعل خطورة الجماعات المتشددة في الصومال ,وأنها لم تعد قوى معارضة تسعى لتقويض عملية السلام في الصومال وأنها بدأت تتخذ تقنيات واستراتيجيات تشابه المنظمات الإرهابية الدولية كالعمليات الانتحارية والتفجيرات التي تصاعدت في الصومال؟ والتي يمكن أن تستهدف حتى مساجد الله كما حدث مؤخراً ويستغرب كل من سمع هذا الحدث كيف تفجر مساجد الله تحت رايات الجهاد؟

عبد السلام علي آدم