في كل عام يطل علينا ضيف ثقيل.. ضيف من نوع آخر.. وكعادة الضيوف الكرماء يأتي إلينا هذا الضيف حاملاً هدايا من نوع آخر، فيقدم لنا سهاماً ذهبية حارقة تذيب الشحم واللحم، ورطوبة عالية مغلفة بلهيب ، ولا ينسى هذا الضيف الثقيل غير المرحب به أن يجف بحره منافذ المياه، فتكون المياه شحيحة، وكذلك يضرب بمدافعه وقذائفه على مولدات الكهرباء لتصبح الكهرباء هي أيضاً بدورها شحيحة ،هذا الضيف الذي يعرفه الصغار قبل الكبار هو فصل الصيف الذي يأتي بعد فصل الربيع فصل الحب، فمع ارتفاع درجات حرارته إلى أقصى حدودها يستعصى على الواحد منا خطو بضع خطوات تحت أشعة الشمس الحارقة وما يزيد الطين بله في هذا الجو الكئيب هو أنه يصعب عليك إيجاد مواصلات أو "باصات" بعد عمل يوم طويل وشاق فتبقى واقفاً في الشارع وتكاد أن تغرق بعرقك "وكلٌ عرقه حسب حجمه" منتظراً أن تحن عليك بعض هذه الدابة السريعة فتجود عليك بمعقد أو نصفه أو حتى ربعه فبفعل الحرارة قد تنكمش إلى ربع حجمك الطبيعي مخافة أن تنفد ما تبقى من طاقاتك فتبقى في ذهول واستغراب من هذا الجو الكئيب اللهيب فكأنما الحر والتعب وانقطاع التيار الكهربائي وشح المياه والباص قد اتفقوا ضد جسدك المسكين المنهك.
ويلجأ الكثيرون من أبناء مجتمعنا في فصل الصيف بالسفر والتصيف خارج ارض الوطن قاصدين مناطق ذات الأجواء المعتدلة سواءً كانت داخل الوطن كعرتا وعلي صبيح راندا وداي أو كانت خارجه كالبلدان المجاورة اليمن وإثيوبيا والصومال، والذين لا تسمح لهم الظروف بالسفر خارجا يقصدون البحر لتخفيف عن نفوسهم من شدة الحر فترى الشواطئ وهي تعج بالصغار والكبار والنساء والرجال علّ نسائم البحر تلطف الجو وتعطي الجسم بعضاً من قوته فتكون على القلب بردا وسلاما.
وتصاحب هذا الموسم أمراض خاصة به كالجفاف وضربة الشمس التي تسبب الصداع للرأس، وازدياد نبضات القلب والدوخة والدوار من كثرة التعرض لأشعة الشمس.
وينصح الأطباء لمواجهة هذه الأمراض الموسمية الإكثار من شرب المياه والسوائل وأكل الخضروات والفواكه الطازجة، وعدم التعرض لأشعة الشمس مباشرة واستخدام طاقية أو مظلة لتجنبها، والاستحمام بماء معتدل مرتين إلى ثلاث مرات يومياً وقبل كل هذا التحلي بالصبر والنظر إلى هذا الموسم بمنظار آخر.

صفية احمد عبد الله