منذ ما يقرب من عشرين عام تعيش الصومال بدون حكومة مركزية ذات قاعدة شعبية ومرت بمراحل وحقب سياسية مختلفة وجرت محاولات حثيثة وتدخلات عديدة لإحلال السلام والاستقرار في البلاد تمثلت بإقامة المنتديات وعقد الاجتماعات وإنشاء مجالس شعبية وإقامة حكومات مؤقتة وبذلت جهود جبارة بهذا الخصوص ولكن لسوء الحظ لم تؤت كل هذه الجهود ثمارها ولم تحقق نجاحاً يذكر ما عدا بعض الجوانب الدبلوماسية الشكلية وتكوين الهياكل الإدارية وتكريس الاعتراف الدولي دون إقناع الشعب الصومالي بقدرة هذه المؤسسات على حل المشكلة الصومالية من الداخل ومعلوم أن جل مؤتمرات المصالحة عقدة في خارج البلاد ولذا كان من الصعب أن يشارك فيها كل أصحاب القرار والوجهاء كما أن هناك تدخل أجنبي سافر في تقنيين القوانين وسن القرارات المصيرية في البلاد وأيضاً هناك مشكلة أساسية نابعة عن عدم وجود أحزاب سياسية بديلة منظمة تعمل في البلاد بعد انهيار الحكومة المركزية الصومالية عام 1991م ومما ساعد على تعقيد المشكلة ظهور أمراء الحرب والتحزب الطائفي الديني والفساد السياسي بسبب عدم وجود برامج سياسية واضحة عند الساسة الصوماليين وتقديم المصلحة الخاصة والتشبث بالزعامة القبلية وبحث الاستحقاقات السياسية بالمعادلة القبلية والعزوف عن الكفاءة السياسية والمعرفية وتهميش بعض الأقطاب والرموز الدينية والسياسية باعتبارات قبلية وعشائرية وتكمن المشكلة في التمسك بالمناصب بحيث يصعب تغيير شخص عن منصبه السياسي أو إقالته كما حدث ولا يزال في رئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء على مر الحكومات المؤقتة المختلفة ولم تسلم حكومة واحدة منها المعضلة العويصة التي لم تحظ أي اهتمام من قبل المحللين والصحفيين والسياسيين على حد سواء.

عبد الرحمن حسين
كاتب صومالي