ومن العقبات الكئودة أمام تحقيق مصالحة وطنية صومالية هي التركيبة السكانية إذ تشكل المعادلة القبلية أكبر خطر تهدد المحادثات والمنتديات التي تعقد من أجل المصالحة وتحقيق التفاهم بين الفرقاء لأن المجتمع الصومالي يتكون من قبائل وعشائر عديدة ومن خلال الثقل السياسي الذي تتمتع به قبيلة ما تكون هي سيدة الموقف وصاحبة الحظ الأوفر في تولي المناصب القيادية والسيادية وتطالب بالاستحقاقات السياسية وتقوم بنفس الوقت بتهميش القبائل الأخرى التي قد لا تتمتع بهذا الوزن مما يولد الكراهية والعداوة ثم تتحول هذه الأمور إلى مشاحنات ونزاعات وحروب دامية في كثير من الأحيان بين القبائل وقد بنيت كل الحكومات الصومالية السابقة على هذه المعادلة القبلية ولم تسلم حتى الهيئات القانونية والتشريعية من التأثيرات والتوجهات القبلية والعرقية ولعل أحسن مثال هو الخلاف الذي يحدث دوماً حول تولي منصب رئيس البرلمان والحقيبة المالية لأن بعض القبائل لا يسمح لها بتولي مثل هذه المناصب باعتبارها دون النصاب المطلوب ولا تتمتع بأهلية لشغل هذه المناصب وهذه فكرة متأصلة في نفوس كثير من الصوماليين حتى المتعلمين والمثقفين منهم فترى المتعلم والعامي على حد سواء يقف خلف شيخ القبيلة وعقال العشيرة لتحقيق أغراضه السياسية وما دام الأمر كذلك فإن المصالحة الصومالية لن ترى النور ولا يكتب لها النجاح إضافة إلى تلك المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأخرى التي تعاني منها البلاد إذن إلى متى نتفرج على هذه الأساة هل نحن أمام مستحيل أم نحن نعيش في هوس سياسي قبلي عديم الفائدة؟ يمكن تجاوز هذه المصيبة بعقلانية وحكمة والعودة إلى الصواب ووضع الأشياء في مواضعها ويكفينا خبرة عشرين سنة عجاف ذقنا فيها مرارة النظام القبلي الفاشل بكل المعايير والمقاييس وأن الحل الوحيد يكمن في المصالحة الوطنية ونبذ العنف الدائر وتوحيد الصف الصومالي مهما كانت كلفته .

عبد الرحمن حسين
كاتب صومالي