أعلنت حكومة نتنياهو في بداية هذا الأسبوع تخفيف الحصار الغذائي الذي فرضته على قطاع غزة إثر مذبحة سفينة الحرية والتي سددت طعنة نجلاء لحصار الأيادي البشعة المضروب على قطاع غزة الصامدة وبدأ يتهاوى منذ أن مزقت فداحة الجريمة الصمت المشين واللاإنساني طيلة السنوات الثلاث الأخيرة وذرت ما راكمته المواقف المخزية وسياسات الدم البارد الإجرامية لأطراف كثيرة دولياً وإقليمياً أو ما حرصت على استمراره عبر شتى الضغوط متعددة الأوجه لينتج ما شهدناه خلالها من شبه اللامبالاة الكونية المربعة. ودماء شهداء كسر الحصار التي سفحتها الوحشية الإسرائيلية بوقاحة وفذاعة وتعمد كانت فعلة سوداء غير مسبوقة لم يعد هذا العالم المتواطئ بقادر على التستر عليها وهنا عندما نقول العالم نعني هذا الذي يعد نفسه أنه وحده العالم أو يطلق على ذاته مسمى "المجتمع الدولي" أي المهيمن المحتكر لما يطلق عليها "الشرعية الدولية" برموزها المعروفة المتمثلة بهيئة الأمم المتحدة ومشتقاتها إنه باختيار هذا الغرب الذي يتقدمه اليوم عم سام وامتداداته بالمصالح والصفقات والضغوط أو التبعية في سائر أرجاء المعمورة وامتداداته العربية عجزاً وتبعية أو "اعتدالاً" أو ما يترجم تملصاً مذلاً من كل تبعات تهمة الإدارة السياسية، ويمكن موضوعياً أن نضيف إلى ما تقدم كل من يعترض على الحصار لكنه لا يفعل شيئاً لكسره، لم تبرد الدماء الزكية المسفوحة بعد، حتى هب هؤلاء جميعاً متكاتفين وقد أخرجتهم فظاعتها لكنها لم تخرجهم همجيتها من خنادقهم أو لم تزحزحهم العدوانية الإسرائيلية الوقحة عن مواقفهم المعهودة في سعي محموم للالتفاف على تداعيات هذه المذبحة البشعة أو إنجازها المتمثل في بوادر تداعي الحصار وترنح استهدافاته وهنا لسنا بصدد التعرض للرؤية والرواية أو المواقف وردود الأفعال الإسرائيلية المتعلقة فكلها أمور يتلونها على مسامع العالم صباح مساء ويرددونها دون أن يرف لهم جفن وتتكفل بإيصالها لمن يهمه الأمر تصريحات مختلفة المستوى السياسي الإسرائيلي ووسائلهم الإعلامية لاسيما منها ما يتفوه به كل من نتنياهو ويبيرما وباراك وهي أمور اعتدنا على سماعها ترجمة أمينة وفورية في وسائل الإعلام الغربية لكن ما يهمنا هنا هو التحرك المتصاعد متعدد السبل الذي تقوم به حالياً الأطراف الدولية الساعية للتغطية على الجريمة دون المسائلة الدولية لمرتكبيها وإبعاد شبح التحقيق الدولي المفترض حول ما ارتكبه وهذا الالتفاف على المطلب الشعبي الكوني بفك الحصار على غزة أو مساعي إبقائه عبر تخفيفه والشعار المرفوع هذه الأيام بالنسبة للغزاويين هو لم يعد بالإمكان الاستمرار في تجويعهم: أطعموهم وحاصروهم: إنه لسان حال لكثير من نخب حاكمه أوروبياً وشرق أوسطياً لم يعد بالإمكان كتمها وإخفاءها والولايات المتحدة التي حالت دون إدانة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي أوضح أوباما وهو يستقبل أبو مازن في البيت الأبيض أنه مع تخفيف الحصار الذي "لا يمكن أن يستمر" لا رفعه ووفق مسلمة مواصلة تغطية الجريمة الإسرائيلية دون تشكيل لجنة تحقيق موثوق بها لضمان عدم تكرار "مأساة" قافلة "الحرية" ودون أن يتسنى التأكد على أن أي حل في هذا السياق التخفيفي، ينبغي أن يلبي حاجات إسرائيل الأمنية وطبعاً مع تكرار ذات المعزوفة الأمركية الدائمة المتمثلة في إبداء الأمل في تحقيق "تقدم كبير" في عملية السلام خلال العام الحالي وإخراج التسوية من مأزقها. إذن عم سام جاد في إيجاد المخارج الكفيلة بتجاوز الجريمة الإسرائيلية بخطة أمريكية إستراتيجية متكاملة حول الأوضاع في غزة محورها "الأمن مقابل الغذاء" يمكن أن نشبهها بسيئة الصيت العراقية المعروفة "النفط مقابل الغذاء" تنفذها قوات دولية، أما مراميها فتتمثل فيما دعته "وقف إطلاق النار دائم والشامل "يتم بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية أي باختصار ليس مجرد الالتفاف على مطلب كسر الحصار المرفوض استمراره دولياً فحسب بل وأد المقاومة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعلى حدود معترفة، كما أن أطراف الجوته الأوروبية كعادتها سارعت لاغتنام المناسبة للقيام بواجبها المعهود وبحثاً عن الدور على هامش المطروح وفي خدمته الفرنسيون اقترحوا رؤية الاتحاد الأوروبية لعملية تخفيف الحصار أي دور المتطوع لتفتيش السفن المتوجهة إلى غزة والإشراف على معبر رفح والبريطانيون الأكثر دهاء يتحركون عبر "رباعية بلير" لمراقبة برية لمعبر "كارفي" وليس رفح وهذا وفق الإعلام الأوروبي، لتخفيف الحصار مقابل تخفيف التحقيق ولأن إسرائيل تتحفظ على القوة البحرية ولأنهم يضعون في الحسبان هدف الحؤول دون تقوية "حماس" بالاضطرار للتعامل معها عبر المعبر الأخير ولأن هذا أمر مهم جداً للساحة الفلسطينية في رام الله.إذن المطلوب تعليق التحقيق الدولي في جريمة سفن الحرية تمهيداً لدفنه وتخفيف الحصار مع ضمان استمراره والمطلوب الأهم هو انضاج ترتيب ما يهدف في نهاية المطاف إلى وأد المقاومة، إقليمياً قال أحمد أوغلو وزير الخارجية التركي في منتدى التعاون العربي التركي في اسطنبول قال لضيوفه العرب أن الاعتداء على أسطول الحرية قد شكل فرصة لإعطاء شكل لنظام إقليمي مختلف ودولياً لازال العالم يتأمل في دلالات رؤية هيليتي توماس للحل الممكن هذا الذي صارحت به ما كان الأمريكان يطلقون عليها "أيقونة الصحافة الأمريكية مستضيفها في احتفال يهودي أمريكي أو ما أجبرت بعده على التقاعد أخرجوا من فلسطين وعودوا من حيث أتيتم - بولندا وألمانيا.

عبد الرحمن حسن رياله
عضو في البرلمان