قام الأمين العام للجامعة العربية بزيارة إلى قطاع غزة في الأسبوع الأول من شهر يونيو المنصرم للاطلاع عن كثب على المعاناة المتراكمة التي يقع ضحيتها مئات الآلاف من الفلسطينيين منذ أربعة أعوام، وأمام انخفاض سقف الرجاء من النظام العربي الرسمي ومؤسساته لا يستطيع الفلسطينيون إلا أن يرحبوا بهذه الزيارة طالبين بأن تتكرر وأن يقتفي أثرها مسئولون رسميون ليشعر المحاصرون الذين خذلهم النظام العربي سنين طويلة بأن القيادات العربية على عللها لم تقطع شعرة العروبة بينهم وبين الفلسطينيين ولاسيما أبناء غزة وعقب ذلك مع الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي أتخذ فيه قراراً يقضي بالعمل على رفع الحصار عن غزة وقبل ذلك بساعات أصدر الرئيس المصري قراراً نافذاً بفتح معبر رفح إلى أجل غير مسمى، ورغم أن قرار الفتح ومقررات الاجتماع مطلوبان ومتأخران إلا أنه لا يجب أن نخفي المرارة لأن ذلك تم بعد الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية المتجهة إلى غزة بينما شاهد العالم أجمع ضراوة الغضب التركي على إسرائيل بسبب تلك الجريمة وما اتخذه من مواقف بدأت بسحب السفير ووصلت حتى التهديد بقطع العلاقات نهائياً بين أنقرة والكيان المجرم بقيت كل المواقف العربية الرسمية أقل شأناً من جملة غاضبة قالها رجب طيب أردوغان، إذ كشف هذا الزعيم التركي أن العرب عاجزون عن التحرك بمفردهم لردع إسرائيل أو مطالبه العالم بمحاسبتها، وبلا مراد ارتكبت إسرائيل جريمة بشعة ضد أسطول الحرية ولكن جريمتها الأبشع مازالت سارية إلى الآن بحق الفلسطينيين في غزة من خلال الحصار مروراً بالعدوان اليومي والخراب الشامل الذي طاول كل شيء في غزة بل وأصبحت هذه الرقعة من الأرض غير صالحة للحياة أصلاً للأجيال القادمة بسبب ما استخدمته قوة الاحتلال من أسلحة فتاكة في عدوان العالم الماضي مثلما أكد ذلك خبراء وباحثون في شئون البيئة والزراعة والصحة وهو ما يثبت جريمة الإبادة الجماعية على الإسرائيلي إزاء كل ذلك لم تتحرك الجامعة العربية ولم ترسل حتى غفيراً واحداً من موظفيها على الأقل ليقف على الحدود ويطلع على ما يجري هناك بل ظلت طوال السنوات الثلاث الأخيرة إما تطالب بالمصالحة بين حركتي فتح وحماس أو تكرر الدعوات إلى الالتزام بالمبادرة العربية للسلام في حين كان الخطر كبيراً ويستدعي تحركاً عاجلاً وقوياً.عندما وطئت قدما الأمين العام للجامعة العربية معبر رفح قال إن الحصار الإسرائيلي يجب أن يرفع وأضاف أن هناك قراراً عربياً واضحاً بهذا الشأن ونحن جئنا لنتضامن ونسمع ولنشاهد ثم لنشارك في الأعمار ولأننا سوف نكسر الحصار وأن الحصار لا يجب أن يحترم ولا يجب التعاون معه والتسامح معه، ونحن نرى هذه الظروف الصعبة التي يعيش فيها أهلنا في قطاع غزة.قال الأمين العام كل ذلك وأكثر، ولكنه لم يتحدث عن آليات رفع هذا الحصار ولم يوضح ولم يوضح أيضاً ما إذا كان هذا القرار العربي الشجاع جاء غيرة من الموقف التركي الذي بدأ حضوره يؤتي أكله أم هو قرار عربي أصيل النسب لم يأت جرءاً مؤثرات خارجية وخوفاً من أن تسحب القضية من تحت أقدام العرب بعد أن ظلوا خلال العقود الثلاثة الأخيرة لا يجدون غير الكلام يبايعونه من أجلها ويتاجرون بها متاجرات سياسية رخيصة، وآمل أن تكون زيارة الأمين العام بداية صحوة عربية حقيقية وبداية مرحلة لمقاطعة مع التخاذل والتواري خلف الحلفاء الدوليين لمعالجة قضايا الأمة ورغم الشك الذي يحيط بإمكانية نجاح مساعيه إلا أنني لا أنكر صدق الرجل فإذا لم ينجح فهو ليس مسئولاً عن الفشل بل المؤسسة التي يتولى أمانتها والنظام العربي الذي يأتمر بأوامره.التحرك التركي لنصرة غزة أصبح أمراً واقعاً ويؤتى بنتائجه، وزيارة الأمين العام كانت نابعة منه وهو صاحب فكرة الحوار العربي يساند ويدعم نتائجه الأتراك من أجل القضية الفلسطينية، وهذا التوافق بينا الجامعة العربية وأنقرة أرجوا أن يكون مبنياً على تنسيق مسبق من أجل تغيير الخارطة الجيوسياسية في المنطقة لتحقيق الأمن والسلام لأهل المنطقة بناءً على حقوقه المشروعة وغير المنقوصة وعلى رأس هذه الحقوق حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم.
الفلسطينيون في غزة والضفة يعانون في هذه الأوقات أسوأ من أي وقت آخر ويشكل إحساس الجوع والمقهورين بأن نهاية النفق قد أزفت وآن الأوان لرفع الحصار وصار إستمراره غطاً كبيراً، وربما تكون التداعيات أخطر مما يتصوره أكثر المراقبين حذراً لو تأخرت هذه الوعود والتعهدات واستحالت سراباً وخيبة أمل صارخة وأملنا أن لا تحدث.

عبد الرحمن حسن رياله
عضو في البرلمان