في غمرة الأزمات والاضطهدات التي عصفت بأمتنا الإسلامية وبأحدث آلات الحرب الحديثة التي حصدت آلاف الأرواح ودمرت المدن وأحرقت القرى وجلود أهلها بالفسفور الأبيض بغلظة ووحشية وإلقاء القنابل المحرمة دوليا من الطائرات على البشر والشجر وماخلفته من يتامى وأيامى وآرامل وثكالى وأسرى ونعرات طائفية وعرقية وهموم وأحزان وخصومات حزبية ومذهبية وحياة سياسية مضطربة.. في غمرة هذه الأحداث التي سلبت الابتسامة والفرح طويلا من أمتنا يتراقص ويلهو هذا العدو في بلاده في عبث ومجون في حياتهم على أنغام أنين الجرحى وآهات المعذبين لا يصرفهم عن التفكير والابداع والعلم الذي تفتقده أمتنا ،حيث تجد الحديث في شوارعنا ومجالسنا، وحينما نكون في السياسة وما تنشره الصحافة ووسائل الإعلام عن عالمنا الإسلامي هذه حالنا التي أرادها لنا العدو وربما التي اردناها لأنفسنا تزلفا لهذا المحرر والمصلح المنكر لحقوق الانسان المسلم الحريص على الكرامة الاجتماعية وحقوق الحيوان قبل الانسان في بلاده وليس في بلاد العالم الثالث.
إن الابتسامات والأفراح قليلة في جلساتنا وشوارعنا وإن وجدت فهي شماتة عنصرية وعدم مبالاة وتبلد وعدم احساس بما يحاك لنا ولبلادنا أو ابتسامات حزن لقهر وظلم واقع على هذه الأجيال في هذا الزمان الذي تكالبت فيه المحن وعظم الاضطهاد واشتداد الاستبداد وتخضبت الارض بدماء الشهداء.
وتمر الأعوام وتتلوها الأعوام وحياتنا السياسية والاجتماعية تزداد اضطرابا في حين تكون حياتنا الادبية والعلمية والفكرية هادئة فاترة أو قل إنها راكدة.. لا تسمع عن مؤلف قيّم او اختراع أو إبداع يسجل لبلد إسلامي في صحافتنا المشغولة بمجادلاتها البيزنطية التي هي وجباتنا اليومية في بث سموم ميولها ونزعاتها العرقية والقومية وتقف عاجزة عن مجالدة صحافة الغرب الصهيونية وخجولة عن إسماع صوتها الذي هو لساننا للعالم.
وها نحن في عصرنا هذا خاملون دون أثر علمي وربما ادبي يخلده التاريخ..هل هذا وليد استعمارنا في سنوات مجالدتنا في ثوراتنا التحررية ؟ والتي كانت سنوات جدب وفقر الى ان ورثنا تركة الاستعماروخلفنا في إفلاس اقتصادي وأدبي وعلمي وتكنولجي وألبسنا رداءه الجديد واصبحنا عالة على الأمم نستجدي الغذاء والكساء والسلاح لندافع عن أنفسنا وخيرات بلادنا الغنية بمواردها المنهوبة وعقول شبابنا المهاجرة المسلوبة الهوية لمصانع بلادهم وابتكاراتهم، كما سلبوا اختراعات الاجداد .. وليشهد التاريخ أن الادمغة الإسلامية المهاجرة لعدم استيعابها حتى لا يكون لنا مجد أو مأثرة في عصرنا هذا والذي نعيشه على عظمه ماضينا فننتحل مجد الآباء والأسلاف لنزهوا ونفتخر به لنخفي ما نحن فيه من جهل وضعف أوصلنا الى هذا المآل وهذه الحال وتداعت علينا الأمم وأصبح الدم المسلم رخيصا مستباحا والحمى تجوس خلاله دبابات الغرب وعلوجهم وسماؤنا وفضاؤنا ينتهك بأحدث ما توصلت إليه التكنلوجيا ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله ..
إن التاريخ منصف بطبعه ويحتاج لأزمان حتى يصدر حكمه العادل علينا ونحن في هذه الحال بيد أنه سيجيء اليوم الذي يتنسم فيه وتبتسم فيه اجيالنا الواعدة التي لن تفتخر بنا وبزماننا الذي كنا فيه طرائق قددا وإن كانت ابتساماتهم مشوبة بالحزن والأمل، الحزن علينا وما كنا فيه مقارنة بماضينا العريق والأمل في استقلالنا التام من التبعية والانقياد للغرب نكون احرارا في فكرنا ونحسن الظن بأنفسنا وقدراتنا ودستورنا الكريم وحين تكون سلطة الأمة على نفسها وعلى خيراتها ومواردها وتنعم بها كما تنعم بالأمن والاستقرار فسترى السعادة والابتسامة في العيون وعلى الشفاه التي لم تنعم بهما طيلة عقود من الزمن لأننا لم نحافظ على هذه النعمة التي أنعم الله بها علينا من موارد طبيعية وموقع استراتيجي كما يسموننا بمنطقة المصالح الحيوية التي حولها الغرب والسرطان الصهيوني الذي استشرى في منطقتنا وسرى لعابه في جسد الامة الاسلامية الى نقمة وعدم استقرار فلهف مواردنا في سياق العولمة وزجنا في حروب طائفية.
فيصل مختار Minnesota, USA