تواجه إدارة أوباما تحديات وعقبات كبيرة في مساعيها الهادفة إلى التصدي للمعاناة الكبيرة النجمة من حصار قطاع غزة وكان أوباما قد حذر الخطوط العامة المتعلقة بنهجه في التعامل مع هذه الأزمة أثناء مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض إثر لقائه الأول برئيس السلطة الفلسطينية وقبل ذلك وصف أوباما الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة بأنه لا يمكن أن يستمر جاء ذلك في أعقاب الهجوم الذي تعرض له أسطول الحرية المتجه إلى قطاع غزة ودعا أوباما إلى إنشاء آلية دولية جديدة تشمل إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي والفكرة لا تنحصر في عمل هذه الآلية على المساعدات والمؤن الإنسانية فحسب بل وكيفية وصول البضائع والخدمات إلى سكان القطاع وتركيز الجهود على التنمية الاقتصادية وتمكين المواطنين من بدء مشاريعهم الاستثمارية الصغيرة والمساهمة في نمو الاقتصاد المحلي وتوسيع فرص المواطنين في القطاع وحرصاً منه على تأكيد التزام بلاده بدعم هذه الخطة، أعلن عن حزمة مساعدات تضمنت تقديم المساعدات المالية المخصصة لمشاريع الإسكان وبناء المدارس والتنمية الاستثمارية في قطاع غزة والضفة الغربية وأخيراً أكد على تأييده لإجراء تحقيق نزيه مستقل وشفاف حول الأحداث المأساوية التي أسفرت عن مصرع (9) من ركاب سفينة "مرمرة" مؤخراً لكنه المتوقع أن تواجه جهود أوباما تحديات وعقبات كبيرة فعلى سبيل المثال لم تبدأ إسرائيل حماساً لإجراء تحقيق نزيه لا تضمن التحكم بنتائجه واكتفى المسئولون الإسرائيليون بالتحقيق الخاص - وهو تحقيق محدود جداً مع تصريحهم بالسماح للمراقبين الدوليين بمراقبته، ولم يلب هذا التحقيق، كما نعلم مطالب الأمم المتحدة ودعوة العالم والشعوب وفي الوقت نفسه كان جنود الجيش الإسرائيلي قد صادروا السفن وما فيها من حمولات وممتلكات شخصية مثل الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر المحمول والكاميرات ما يعني مصادرة أي بيانات أو أدلة مستقلة يمكن أن يعتمد عليها تحقيق مستقل نزيه حول ما حدث إضافة إلى ذلك أعرب عدد من الإسرائيليين عبر الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي عن عدم رغبتهم في إجراء أي تحقيق حول الهجوم الذي نفذه الجيش ضد من وصفوهم "الإرهابيين" وأوردوا أسماءهم فرداً فرداً دون أي توثيق أو أدلة على ذلك الوصف، ومن العقبات التي تعترض طريق أوباما الانقسام الحادث الآن في صفوف الفصائل الفلسطينية فخلال إعلانه خطة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة أكد دعمه لرئيس السلطة الفلسطينية واصفاً إياه بأنه شريك في إدارة الخطة الموجهة إلى الفلسطينيين في القطاع والضفة الغربية لكن الحقيقة هي أنه ليس للسلطة الفلسطينية سلطة تذكر على القطاع وفي غياب أي خطة للمصالحة بين حركتي "حماس وفتح" فالمتوقع ألا يكون للسلطة أي نفوذ على القطاع ثم أن هناك العقبة الداخلية الكبيرة التي يواجهها أوباما وهو يعمل على تنفيذ جهوده الرامية إلى تغيير مسار الأحداث في قطاع غزة، فبينما يبدي الرأي العام الأمريكي تأييداً للعناصر الرئيسية في خطته يلاحظ أن الكونجرس لا يشاطره الرأي في هذا الخصوص فقد توصل استطلاع للرأي العام الأميركي أجرته مؤسسة "أنترناشيونال" عقب المؤتمر الصحفي الذي عقده أوباما في البيت الأبيض قبل ثلاثة أشهر من الآن إلى وجود تأييد شعبي لخطة الرئيس حول عدد من الأسئلة والقضايا المتعلقة بكيفية الخروج من الأزمة الراهنة بما يلبي توفير الأمن الذي تحتاجه إسرائيل وكسر الحصار المفروض على الفلسطينيين وفتح فرص النمو أمامهم، كانت نسبة الذين أيدوا هذه الأهداف هي (53) في المائة، وحول دعوة أوباما والأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه في الأحداث المؤسفة التي تعرض لها أسطول الحرية مقابل نسبة (38) في المائة من المستطلعة آراؤهم الذين أعلنوا رفضهم للتحقيق غير أن للكونجرس موقفاً مختلفاً جدا فبينما انضم عدد قليل من الأعضاء إلى جانب الرئيس في شجبه لأحداث القتل والعنف ودعوته لإجراء تحقيق نزيه مستقل حول ما جرى سارع عدد كبير من الأعضاء بمن فيهم قادة ديمقراطيون بارزون وكتلة الأعضاء الجمهوريين بكاملها إلى تأييد الموقف الإسرائيلي وتفسير إسرائيل لما حدث، بل بلغ التطرف في الانحياز إلى صف إسرائيل حد مطالبة بعضهم باستمرار الحصار المفروض على سكان القطاع ومواصلة ذات السياسات ضدهم وفي كل هذه التحديات والعقبات ما يؤكد أنه إذا ما أراد أوباما لجهوده هذه أن توتى أكلها فإن عليه ليس مواجهة حكومة إسرائيلية متشددة ومتمسكة بمواقفها وسياساتها العنصرية فحسب بل يتعين عليه مواجهة صعوبات وتعقيدات الواقع السياسي الفلسطيني المنقسم على نفسه وصفوفه وقياداته في الضفة الغربية وقطاع غزة وفوق ذلك كله يتعين على أوباما مواجهة التكتل القوي المؤيد لإسرائيل وسياساتها داخل الكونجرس.

عبد الرحمن حسن رياله
عضو في البرلمان