عزيزتي حواء الماضي
أبعث إليك من هنا.. من قلب زمن تحررت فيه المرأة من قيود الماضي أغلى وأرقى التحايا.
اعذريني عزيزتي/ لأني من كثرة مشاغل الحياة لم استطع أن اكتب إليك، وان أطلعك على آخر أحوال حواء اليوم، لان الحياة ومتطلباتها كتبت علينا الكفاح إلى جانب ادم ، وكفاح ادم لوحده لم يعد كافيا، لان احتياجات حياة اليوم باتت كثيرة ومتعددة وأصبح من المستحيل الاستغناء عنها والتفريق بين أساسياتها وكمالياتها.
غاليتي/
لقد وصلت حواء اليوم إلى أعلى المراكز والمراتب السياسية والاقتصادية والاجتماعية... و .. فأصبحت رئيسة تقود شعباً ووزيرة تصدر قرارات مصيرية وسيدة أعمال تصنع العمل والمال، واستحقت بكل جدارة نيل أعلى الشهادات العلمية والأدبية، وعملت لأجلها وزارات تعني بشأنها، وصيغت لها قوانين كثيرة تنادي بحماية حقوقها، وأصبح العالم ينادي ويدعوا لمساواتها بالرجل وباتت تلك المرأة التي كانت بالأمس تتعرض للضرب والإهانة من قبل سيدها المستبد "الرجل" والذي لم يكن يسمح لها بالكلام عند بعض الشعوب، والتي كانت تجبر على الزواج من رجل لا ترغب في الارتباط به والذي كان عمره يصل في بعض الأوقات إلى عمر أبيها ولم يكن يسمح لها بحق الاعتراض أو إبداء رأيها.. باتت تلك المرأة قائدة العالم والتي بيدها كافة القرارات.
لكن يا - عزيزتي - بهذه المناصب العالية خسرت حواء اليوم أشياءً كثيرة، خسرت أنوثتها ونعومتها، وأهملت الكثير من مسئولياتها تجاه أبنائها وبيتها، فالواحدة منا باتت توكل أمور بيتها إلى امرأة أخرى "شغالة" وتربية أبنائها إلى أخرى، وبسبب كثرة المسئوليات أصبح بعض نساء اليوم لا يحبذن فكرة الزواج والإنجاب، وبات البعض الآخر يتمنين لو أن الزمن عاد بهن إلى الوراء وأجبرن على الزواج من أبناء عمومتهن لأن مجتمعات اليوم أصبحت تعج بالعوانس وجل أمانيهن الارتباط بفارس الأحلام قبل أن يضمهن القبر، كما أصبحت تلك المرأة التي كانت في القدم عزيزة وصعبة المنال، رخيصة وسهلة ووجهاً جميلاً للإعلانات عن المستحضرات التجميلية والعطور النسائية والرجالية وأدوات الحلاقة والأكلات المختلفة وبذلك أصبحت سلعة رخيصة.
هذه هي أحوال حواء، والى لقاء متجدد عبر الهواء.

وشكرا

صفية عبدالله احمد