الرمال الحارة تلفظ الشمس من بين ذراتها، وتطلق ناراً تحيط بالناس من كل مكان نارٌ تقذف من أمام‏ ومن وراء الظهور ‏ سماءٌ تصب نارها على الرؤوس وتُطلع من تحت الأقدام نار الخدر يسيطر على الأطراف، ، والشفا يف تتيبس عطشاً، والسماء تتسع ، وتدور..‏ نبضات القلب تتسابق، وتضرب الصدر بعنف
ما أقسي هذا المناخ لعمري إنه جو لا يطاق ولا يمكن تحمله لأن الصيف في بلادنا يتميز بظروفه المناخية القاسية... حيث الحرارة الشديدة التي يبلغ ارتفاعها أقصى درجاته ... ونفحات نارية تلفح الوجوه ونسبة رطوبة عالية تخنق النفوس فتتحول الحياة معها إلى جحيم لا يطاق .. فيصبح الهرب والانفكاك من قبضة هذه الأجواء القاتلة الهاجس الوحيد الذي يطارد الجميع ورياح الخماسين التي تطلق نيران كثيفة من العواصف الرملية والترابية وتفرض حظراً للتجوال الجزئي في الشوارع والطرقات وتجبرت المواطنين على البقاء في البيوت أو أماكن العمل وضرورة إغلاق الأبواب والنوافذ لأخذ الحيطة والحذر تفاقم المعاناة وبذلك يصبح الشغل الشاغل لهم جميعاً البحث عن متنفس يهربون إليه من جو كهربته الحرارة التي تمارس كل أساليب الاضطهاد على الغلابة الذين لم يجدوا غير شواطئ البحر التي يهرعون إليها كلما سنحت لهم الفرصة وإن كانت الحياة وضغوطاتها وما تحفل بها من تفاصيل لا يجود بكثير من الفرص للتنفس من الركض المستمر الذي لا يحتمل التوقف ورغبة تلد رغبة وظمأ شديد لا يرتوي فيكون يوم الجمعة الفرصة الوحيدة في الأسبوع ... ومع إشراقه شمس هذا اليوم تجد الناس يتقاطرون فرادى ومجموعات صغاراً وكباراً على شواطئ البحر وكأنهم على موعد مسبق مع هذا المكان فيهنأ بهم شاطئ سيستا وإيرون- الذي لم يعد شاطئه يتسع لكثير من المرتادين بعد انجاز تلك التحفة المعمارية والصرح السياحي العملاق المتمثل بفندق كمبنسكي بلاس الذي يعد أحد أهم المعالم التنموية البارزة وشاهدا حيا علي ما حققته البلاد من طفرة في مجال الفندقة والسياحة - والبعض منهم يشد الرحال إلى شواطئ أبعد مثل دوراله واللافت في الأمر ان وسيلة الكثير منهم تكون ج 11 السير على الأقدام ولسان حالهم يقول كل شيء يهون في سبيل الهرب ويهنئون به ويطفئ عنهم النار التي أججها فيهم فصل الصيف ليتحول إلى مأوى للهاربين من جحيم الحر ولفحاته وكتماته الجاثمة على الصدور وساحة للتسلية إلى جانب الملحقات من التعارف وأخذ مساحة لممارسة شيء من الحرية لدى البعض.