19/8/2010
لقد من الله على الإنسان نعمة الأمن والرزق ، وهما من آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى ، لكونهما نعمتين بينهما ارتباط وثيق ، وعلاقة محسوسة. فبدونهما لا يجد الإنسان طعم الراحة. والأمن هو الركن الركين الذي نعتمد عليه في حياتنا كلها ، بدونه يجوع الإنسان ويشقى ، ويضل ولا يهتدي فبالأمن تصوت الدول على ميزانيات تفوق ملايين الدولارات، وتقوم بتأهيل كوادر مدربة ومتخصصة في أكاديمياتها ، ومرد ذلك كله هو الشعور بالمسؤولية الذي يفرض عليها أن توفر الأمن والأمان لشعوبها.
إن الأحداث الدامية التي تحدث في كل مكان من هذا العالم في الآونة الأخيرة بسبب الإرهاب ، بأشكاله وصوره المختلفة ، قد أرقت العيون ، وأهلكت الحرث والنسل. ويعتبر كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد الأعمال التي ينفذها الإرهابيون، جريمة يرتكبونها في حق الإنسانية ، وسيحاسبهم التاريخ يوما من الأيام ، وسيدفعون ثمنا باهظا. وهؤلاء منهم من يخلق الإرهاب ، ومنهم من يرعاه ويربيه ، ومنهم من ينفذه على أرض الواقع ، مهما تبادلوا الاتهامات. ولكن عندما نزيح القناع عن الوجوه نراهم يضحكون معا ، ويهنئ بعضهم بعضا على ما ارتكبوه من جرائم بشعة في حق الأبرياء.
إن الأمن هو أساس الاستقرار ، وزينة الحياة الهنيئة ، كما هو أمانة على عاتق الفرد والمجتمع على حد سواء ، ومن هنا ينبغي أن نصحح الفهم الخاطئ الذي يقصر المسئولية على نوع واحد من المجتمع (رجل الأمن) فيجب علينا أن نقول لكل من يفكر مثل هذا التفكير : أننا على متن سفينة واحدة ، يهلك من فيها جميعا إن أسيئ إلى جزء منها ، ومن أخذ بيد كل من تسول له نفسه أن يعبث بالأمن فكأنما أحيا الناس جميعا. وليتحقق لنا ذلك ، علينا نشر ثقافة الأمن، في أوساط الناس.
فمن المظاهر الدالة على أن مجتمعنا لم يصل إلى مستوى من النضج الأمني ، أننا إذا تم القيام بإجراءات أمنية مشددة ، ونقاط تفتيش غير تعسفية من قبل الجهات المعنية ، نضجر ونثور حنقا ، بل يدافع بعضنا عن المخالفين ، بينما كان يفترض أن يثير ذلك فينا الشعور بالسعادة والارتياح التام ، لأن ذلك يرهب الإرهاب ، ويقطع دابر قوم لا يرقبون مؤمنا إلا ولا ذمة.
إننا في أمس الحاجة إلى أن نقف وقفة تأمل حول ما يحدث في محيطنا، وما يهدد أمن المنطقة والعالم كله ، وما يحاك لبعض المناطق من مؤامرات وراء ستائر مسدلة ، لتغيير الخرائط. وينبغي أن نستخلص من معطيات هذه الأحداث الجارية على قدم وساق في العالم ، وما فيها من توجهات جديدة لتهذيبه وإعادة تشكيله مرة أخرى ، استراتيجية أمنية متوازنة نحفظ بها ثوابتنا القومية والوطنية ونعزز بها أهمية موقعنا الجغرافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي في العالم عامة وفي المنطقة خاصة، لأن بلادنا تقع في هذا الموقع الجيواستراتيجي الفريد من نوعه الذي لفت أنظار العالم في الآونة الأخيرة.
حامد علمي أحمد
من إقليم دخل