من منا توقف على مهنة الحمال وماذا تمثل مزاولتها لإثبات رغبة إنسانية جادة على خوض غمار المعركة من أجل توفير أبسط مستلزمات الحياة بأعز وأغلى ما يملكه الإنسان وهو ذاته من لحم ودم وشحم ونفس وجعلها أداة تتحمل كل الأعباء في سبيل الاعتماد على النفس لكسب العيش وتوفير الاحتياجات ، فهي تستحق بجدارة أن توصف بأنها مهنة شريفة تسقى بعرق جبين أصحابها وليست مهنة حقيرة كما يظنها كثير من الناس ، فمن يمتهن هذه المهنة أراد أن لا تكون يده هي السفلى بل يداً منتجة تقوى على حمل أوزان تفوق وزن صاحبها ولكن لا تطيق ذل السؤال ولا تحترف الاحتيال وتبتعد عن أكل الحرام ولو جاء على طبق من ذهب ، وتقدس عمل الإنسان ولو اضطر أن يكون جسده جسراً ينقل كافة السلع والبضائع بدل أن يقعد مع القاعدين ، ولعل أنظارنا تشهد قسوة العمل الذي يمارسه الحمال ويثير شفقتنا عليه ولكن هل يدفعنا ذلك إلى اتخاذ مبادرات لتخفيف أعباء تكاليف الحياة التي ترهق كاهله المرهق أصلاً والذي ينوء بعناء مهنته وتسعى إلى تأهيلهم وتدريبهم على مزاولة حرف مختلفة يتخذونها مصدراً للدخل لتطوير الذات و لمواكبة التطورات التي تشهدها أعمال المنياء التي بدأت تعتمد في الكثير من الوظائف على الآلات ، ولأجل هذا وذلك أطلق رئيس الجمهورية مبادرة وطنية للتنمية الاجتماعية ومكافحة الفقر ولتجسيد روح هذه المبادرة فتحت مؤسسة العامودي للأعمال الخيرية صندوقاً لدعم عمال الميناء وخاصة الذين يعملون في مجال الحمل في ميناء الحبوب وخصصت له 25 سنتيم من كل طن وبلغت حصيلته حتى الآن أي خلال عامين ونصف إلى 1 مليون دولار سيسخر لتمويل مشاريع لتحسين أوضاع معيشة هؤلاء العمال وتطوير إمكانياتهم ولأهمية هذه الخطوة التي أقدمت عليها مجموعة العامودي أشاد بها رئيس الوزراء لأنها مبادرة فريدة من شأنها أن تضمن حياة أفضل للعمال وأسرهم ودعا في الوقت نفسه رجال الأعمال إلى أن يحذوا حذو صاحب هذه المبادرة ويتبنوا مبادرات مماثلة تندرج ضمن عمل الوكالة الوطنية للتنمية الاجتماعية ،وهي التي تنفذ البرنامج الذي تموله مؤسسة العامودي للأعمال الخيرية التي وقعت مع هذه الوكالة اتفاقية تمويل تبلغ قيمتها حوالي 200 ألف دولار أمريكي تكرس لتأهيل وتدريب عمال الميناء في مجال الحمل لتمكينهم من تعلم ومزاولة مهن أخرى كقيادة السيارات بمختلف أنواعها وأحجامها وخاصة للحمالين الشباب أو أبناء العاملين في نفس المجال لمساعدتهم على تطوير إمكانياتهم التي لم يتمكنوا من إبرازها والاستفادة منها لتحقيق مستوى معيشي أفضل وللاطمئنان على مستقبلهم ، ومن جانب آخر ولتلبية احتياجات اسر عمال الميناء فهناك اتفاقية أخرى وقعتها تلك المؤسسة مع الصندوق الشعبي للادخار والائتمان تصل إلى 150 ألف دولار تخصص لتوفير قروض مسيرة لأهالي هذه الفئة من العمال تعينهم على إنشاء مشاريع صغيرة تضمن لهم حياة أفضل وبناء مساكن ملائمة لهم في المرحلة القادمة ويستفيد من هذه المبادرة الهامة 500 أسرة يعمل عائلوها في ميناء الحبوب .فهذه مبادرة جديرة بالإقتداء لأنها تخفف من أعباء عمل هؤلاء العمل وهموم الحياة وتسعى إلى تطوير الذات.

عبد السلام علي آدن