ليس غريبا أن يذهب بعض الباحثين إلى القول بأن حروب المستقبل ستكون على المياه وأن يحذروا من تفاقم المشكلة التي تشكل خطرا جديا في المستقبل القريب على أمن البشرية برمتها ، باعتبار أن الماء هو ثاني أهم عنصر غذائي لحياة الإنسان بعد "الأوكسجين" وهو الهواء الذي يتنفسه الإنسان،وبالتالي فإن فقدان 20% من ماء الجسم يؤدي إلى الوفاة إذا لم يعوّض ذلك النقص.
وفي العصر الحديث ازداد الوضع توترا بين العديد من الدول بسبب الصراع على المياه حتى صارت قطرة الماء تساوي قطرة البترول إن لم تكن أغلى منها.
ويرى الباحثون انه ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة فان الوضع المائي في المستقبل سيكون كارثيا وصعبا للغاية.
وتعد مشكلة المياه من أكبر المشكلات التي تواجهها البشرية في الوقت الراهن، فهي قبل هذا وذلك تهدد استقرار المجتمعات الإنسانية وتنذر بعواقب وخيمة، لهذا فإن تضافر جهود المجتمع الدولي للحد من انعكاساتها السلبية هو الأمثل للتغلب عل هذه المعضلة المقلقة التي باتت تقض مضاجع أغلب الدول خصوصا المعروفة بالدول النامية والتي تعاني من التضخم السكاني وتدني الخدمات الأساسية مع الافتقار إلى الاستراتيجيات التي توازن بين ذلك.
وفي جمهوريتنا الفتية لا تزال مشكلة شح المياه وانقطاعها المتكرر قائمة في العديد من أحياء جيبوتي العاصمة وضاحية بلبلا وتحديدا في فصل الصيف الذي تشتد فيه الحرارة وتزداد معها حاجة السكان إلى المياه الصالحة للشرب، وذلك على الرغم من الجهود الحثيثة لوزارة الزراعة والثروة الحيوانية والصيد البحري المكلفة بالموارد المائية من أجل وضع حد لمعاناة المواطنين البسطاء الذين يتضررون جراء الانقطاع المتكرر للمياه
وسنتوسع في الحديث عن مشكلة المياه في جيبوتي في العدد القادم بإذن الله
جهود أممية وأرقام مفزعة :
حددت منظمة الأمم المتحدة يوم 22 مارس من كل عام يوما عالمي للمياه منذ عام 2003م، ويقام هذا اليوم الأممي للدعوة إلى تخصيص أنشطة مهمة على الصعيدين العالمي والمحلي من أجل التوعية
بأهمية المصادر المائية وضرورة المحافظة عليها من الإسراف والاستنزاف، وفي هذا اليوم تراجع فيه الأمم المتحدة الوضع المائي في مجمل دول العالم بمشاركة المؤسسات العالمية المتخصصة .
ويقول الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان (بالرغم من أهمية المياه وقدسيتها لدى الكثير من شعوب العالم إلا أنها لا تزال تهدر وتلوث في القرى والمدن، الأمر الذي أدى إلى أن يفقد خمس سكان العالم المياه النظيفة).
وترد في تقارير المياه التي تنشرها الأمم المتحدة بين الفينة والأخرى أرقام جد مفزعة منها أن مليار ونصف شخص في العالم ليس لديهم مصدر للمياه النقية ، و3مليار شخص ليس لديهم نظام الصرف الصحي، وأنه يموت كل يوم نحو 35 ألف شخص في العالم من بينهم آلاف الأطفال بسبب نقص في المياه أو استخدام الملوث منها ، ويقدر التقرير الاقتصادي العربي الموحد أن تزايد طلب السكان على المياه في الوطن العربي سيؤدي إلى انخفاض نصيب الفرد بحلول 2025م إلى 46 متر مكعب وهو دون مستوى فقر المياه المدقع وفق التصنيفات الدولية. في فلسطين المحتلة يستهلك الفرد ما يقل عن 40% من الحد الأدنى لحاجة الإنسان في اليوم حسب معايير منظمة الصحة العالمية، وذلك بسبب السيطرة الإسرائيلية على الموارد المائية في فلسطين.
وبالرغم من وجود خطة لتقليل نسبة الأفراد الذين يعانون من نقص في المياه الصالحة للشرب إلى 50% بحلول عام 2015م إلا أن الهدف يبقى بعيد المنال في العديد من دول القارة السمراء خصوصا تلك الواقعة جنوب الصحراء
وتوضح الإحصاءات تعاظم مشكلة المياه في البلدان العربية مع تناقص نسبة توافر المياه المتاحة لأكثر من ربع بينما سيعيش 90% من سكان المنطقة في بلدان تعاني من نقص في المياه.
حلول ومقترحات :
الماء العذب مشكلة حقيقية لا يمكن التغاضي عنها نظرا لأن الحياة المعاصرة تتطلب استهلاك كميات كبيرة من المياه، وبالتالي لم تعد مشكلة المياه تقتصر على بعض الدول دون غيرها، لكن أغلب الدول أصبحت مهددة بها في المستقبل القريب أو البعيد .
ولمواجهة تفاقمها أكثر فأكثر فلا بد من وجود آليات حقيقية تعنى بوضع الخطط والبرامج التي من شأنها معالجة هذه المشكلة، ولعل من أهم الخطوات الواجب اتخاذها في هذه الصدد كما يقول العلماء التقيد بترشيد استهلاك المياه في جميع المجالات ووضع الترتيبات اللازمة للمحافظة على المياه،
الاستفادة إلى حد كبير من مياه الأمطار بتجميعها والاستفادة منها عن طريق حفر الآبار السطحية،
إنشاء السدود واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة والصناعة إن وجدتا،
التوسع في محطات التحلية والاستفادة من التكنولوجيا في هذا المجال إذا ما توفرت الإمكانيات المادية،نشر الوعي البيئي في المجتمع للمحافظة على المكونات المختلفة للبيئة وحمايتها من التلوث مع حسن استغلال مواردها،
تنمية الموارد المائية غير التقليدية،
التوازن بين السكان والموارد المائية،
على الجمعيات الإنسانية والمؤسسات العالمية تقديم الدعم المادي لقطاع المياه،
وضع موازنات مناسبة لمشاريع المياه وتطوير وتحديث البنية المؤسسية لخدمات المياه.
وفي الختام لا بد من الإشارة إلى أن بعض الدول قامت بجهود تكللت بالنجاح واستطاعت تأمين المياه من مصادرها الطبيعية كمياه الأمطار والمياه الجوفية والسيول أو مياه البحار المحلاة أو الصرف الصحي المعالجة.
وللحديث بقية
إعداد/
محمد عبد الله عمر(جابر)