اليوم العالمي للغذاء كغيره من الأيام مر دون أن يترك أثرا ملموسا على أرض الواقع سوى عبارات ملؤها الأسى والحزن على ما آلت إليه أحوال كثير من سكان الأرض بسبب فقدان الغذاء الجيد والماء النقي .
ففي ظل ظروف اقتصادية صعبة للغاية نتيجة الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية الأساسية احتفلت أغلب دول العالم بمناسبة اليوم العالمي للغذاء في السادس عصر من أكتوبر الجاري .
الاحتفال بهذه المناسبة يأتي هذا العام وسدس البشرية تقريبا يعانون من الجوع والفقر وسوء التغذية خصوصا في معظم بلدان القارة السمراء ، حيث تظهر الإحصاءات الأخيرة أن نسبة 35%من سكان أفريقيا يعانون من سوء تغذية حادة فيما يموت يوميا مئة ألف شخص أو يزيد بسبب سوء التغذية والأمراض الأخرى المرتبطة بها مما يشكل عقبة كبيرة أمام أي جهد يرمي إلى التنمية الشاملة
هذا في وقت يموت فيه آخرون من التخمة نتيجة الغنى الفاحش الذي يجعل صاحبه يغفل عن ارتفاع الأسعار وانخفاضها ومعاناة الملايين من بني جنسه إلا من رحم ربك.
ولعل بلادنا كانت من الدول القليلة التي حاولت أن تعطي هذا اليوم حقه وأن لا تدعه يمر كسائر الأيام وذلك حين أطلقت حملة تشجير واسعة النطاق برعاية فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله
حيث قام بغرس عدد من أشجار النخيل في حي هرموس في محاولة للحد من زحف التصحر فضلا عن إبراز الوجه الجمالي لمدينة جيبوتي.
لقد حددت الأمم المتحدة يوم السادس عشر من شهر أكتوبر ليكون يوما يتم فيه تقييم الظروف المعيشية للأسر البسيطة في شتى أنحاء العالم وفرصة لمراجعة السياسات الاقتصادية والزراعية غير الناجحة بغية تصويبها لما فيه مصلحة كافة شرائح المجتمع وعلى وجه الخصوص تلك التي تعاني من الإقصاء والتهميش.
وليس الهدف من إقامة هذا اليوم من اجل التحسر والحزن على الحالة المزرية التي وصلت إليها أوضاع كثير من شعوب العالم المهددة بنار الأسعار المرتفعة .
ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) التي ترعى فعاليات اليوم العالمي للغذاء كانت قد أصدرت تقريرا أوردت فيه أن عدد الجوعى في العالم وصل إلى نحو مليار شخص يتواجدون أغلبهم من الأطفال في القارتي أفريقيا وأسيا .
وإذا كانت بعض الدول التي كانت مرشحة في السابق للتعرض لمجاعات وفقر كالصين والهند مثلا قد استطاعت بفضل سياساتها الناجحة وتصحيح مفاهيم الأمن الغذائي من التغلب على مشكلة الغذاء واتجهت إلى زيادة الإنتاج الزراعي ونجحت ولو نسبيا في الوقوف على عتبة الاكتفاء الذاتي ، وانتقلت من الاستيراد إلى التصدير فان دولا أخرى كثيرة تسير في الاتجاه المعاكس مما يزيد الطين بلة ويعقد مشكلة الغذاء .
كيف يتحقق الأمن الغذائي ؟
يقول الخبراء إن المقصود بالأمن الغذائي هو حصول جميع الناس على ما يكفيهم من غذاء ملائم من الناحية التغذوية لممارسة حياة ملؤها النشاط والصحة.
ويتأثر الأمن الغذائي كما يقوله الخبراء بعدد من العوامل من أبرزها الإمدادات الغذائية والحصول على العمل وبعض الخدمات الأساسية الأخرى كالمرافق التعليمية والصحية والمياه النظيفة والمسكن الآمن .
ولاشك أن الفقر والظلم الاجتماعي ونقص التعليم من الأسباب الرئيسية للجوع وسوء التغذية في العالم .
وان مواجهة التداعيات الخطيرة لأزمة الغذاء العالمي تتطلب من كل دولة على حدة أن تكون قادرة على إنتاج واستيراد الأغذية التي يحتاجها المواطنون لضمان تلبية الاحتياجات التغذوية لجميع أفراد المجتمع طول العالم .
وفي الختام لا بد من تضافر الجهود لتقليل الآثار السلبية المترتبة على مشكلة الغذاء من خلال انتهاج سياسات بناءة تمكن القضاء على الجوع في العالم، لكي يتمتع كل فرد بالصحة والتغذية الجيدة .

بقلم /
محمد عبد الله عمر