كنت في زيارة لجمهورية جيبوتي بالسودان، لم أخرج من السودان و لكن جيبوتي جاءتني وزارتني ممثلة في سفارتها المحترمة النشطة ..!
حفل الاستقبال لليوم الوطني لجيبوتي في فندق روتانا السلام بالخرطوم كان محضورا من كل السلك الدبلوماسي بالسودان و ذلك لأن سعادة السفير محمد علي مؤمن رجل مجامل جدا ، و علاقاته مع السلك الدبلوماسي في السودان أكثر من رائعة ، و من الصعب جدا أن يرد له زملاؤه دعوته ..!
عدد من السفراء لا نراهم في حفلات استقبال السفارات الأخرى، لا نراهم في يوم أفريقيا ولا في مناشط الخارجية ولا في الندوات ولا في المنتديات و لكننا نرى السيد علي مؤمن..!
علي مؤمن من طراز غير هذا وهو يذكرني بالدبلوماسية المعتقة القديمة، والتي شاهدتها وعاصرتها عندما تولى والدي حقيبة الملحقية الثقافية لسفارات السودان في روسيا و لبنان ، و في تلك الأيام نشأت (ديبلوماسيا صغيرا) ثم أطاحت مهنة الصحافة بكل هدوء وأناقة عرفتها في تلك الأيام..!
زيارتي الفعلية لجيبوتي من قبل خرجت منها بانطباعات جميلة جدا وكانت السبب في تطبيع علاقتي مع سفارتها بالخرطوم عندما عدت وكتبت صفحة كاملة مصورة عن رحلتي هناك ثم التقيت بالسيد السفير و الأستاذ المستشار علي داتو ثم لاحقا بالأستاذ جلال محمد عمر المستشار الأول، ورغم أنني زرت السفارة من قبل ذلك معزيا في الراحل حسن جوليد و خرجت بانطباعات جيدة من سعادة السفير و لكن الخبر لن يكون أبدا مثل المعاينة ..!
جيبوتي فيها اتزان سياسي خارجي يندر وجوده، جيبوتي لم تفقد رزانتها و هدوءها واستمرت في التنمية، وما أدراك ما التنمية في جيبوتي..!
جسر باب المندب الذي يربط قارة آسيا بقارة أفريقيا، ومدينة النور على السواحل الجيبوتية، مدينة كبيرة وجديدة بمواصفات دولية ..!
موانئ جيبوتي التي دخلت في تعاقدات مع شركات دولية مثل دبي وغيرها... ومع التجول في الأرصفة أتذكر عنوانا لمجلة العربي على غلافها (جيبوتي .. قوة الجغرافيا)، نعم قوة الجغرافيا جعلت من جيبوتي رقما دوليا صعبا، وهناك قيادة استطاعت توظيف هذا الرقم أفضل توظيف ..!
جيبوتي بالرغم من أن البعض يطلق عليها (دولة الحجارة) لأن معظم أراضيها جرداء وجدباء، و لكن رغم هذا بدأت جيبوتي في نهضة زراعية جديدة، والحمد لله أن للسودان دورا في هذه النهضة وهذا أقل ما يمكن تقديمه من السودان لأشقائه وأحبائه في جيبوتي، هذا بالإضافة للمستشفى الجيبوتي العسكري والذي تكفلت وزارة الدفاع السودانية ببنائه (ألف تحية لسعادتو عبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع ببلادنا) ..!
جيبوتي المدينة ليست ضخمة، و لكنها آمنة جدا وبالرغم من أنني لم أزر جيبوتي إلا صيفا إلا أنني خرجت فيها نهارا وليلا وجسدي يرشح بالعرق الغزير، هذا الحر الذي لا يقيك منه الظل، و يذكرك بأجواء بورتسودان أو سواكن في السودان ..!
للغرابة رغم العرق لا تشعر بالاتساخ لأنه لا توجد عوالق أو أتربة في الجو، وعندها ستشرب الماء وتنضح بالعرق وتبلل ملابسك ثم تشعر في النهاية بأن ثيابك مبللة بالماء الذي شربته دون أي فلترة وأن مسام جسمك تحولت إلى أنابيب لتمرير المياه العذبة النقية لا أكثر ولا أقل..!
في شيراتون جيبوتي شهدت عرسا عفريا تقليديا به زفة تحفها الأسلحة التقليدية، في لحظة ما شعرت أنني في عمان، ذات الطقوس شهدتها من قبل هناك..!
سعادة السفير، أتمنى أن أزوركم في الشتاء في المرة القادمة، وألف تحية لك وللقيادة الجيبوتية ممثلة في فخامة الرئيس إسماعيل عمر جيله ..!
مكي المغربي/
كاتب سوداني