الأحداث الأخيرة التي شهدتها جمهوريتنا الحبيبة في ليلة الجمعة الماضية جعلتنا جميعًا نضع أيدينا على قلوبنا خوفًا على الوطن بعدما رأينا بوادر فتنة وفوضى لو حدثت، لا قدر الله، فإ نها ستأكل الأخضر واليابس، وستعود بالوطن عقودا كثيرة إلى الوراء، أشواطًا طويلة على صعيد التطور الديمقراطي والإقتصادي والإجتماعي..
إن نجاح الوطن في التصدي لمثل تلك الفوضى وعبور هذه الأزمة الصعبة يتطلب من الجميع قدرا كبيرا من المسؤلية الوطنية كما أننا في هذه المرحلة أحوج ما نكون إلى التلاحم الوطني، وتكاتف الجهود سواء “موالاة” أو “معارضة” للحفاظ على الوطن من الفوضى والفتن وللحفاظ على ابنائنا من التشرذم الطائفي لاننا في بلد ديموقراطي كما أن لدينا دستور يكفل حرية التعبير وحق المواطنين للتظاهر السلمي.. أما ان نستبيح الفوضى والتخريب..ونتعمد بالإعتداء على المواطنين وعلى الممتلكات الخاصة والعامة فهذا أمر يرفضه العقل والمنطق قبل القانون والدستور.. يجب أن تدرك قوى المعارضة أن أية مطالب مهما كانت لا يمكن أن تتم إلا من خلال القنوات المشروعة التي كفلها الدستور والقانون والنظام السياسي الذي ارتضيناه يوم أن صوتنا على دستورنا والنظام الديموقراطي، وهو ما يدعونا للتساؤل، أليس هذا هو النظام الذي كنا في يوم من الأيام نحلم به، ونحلم بالمشاركة فيه؟ لماذا بعد أن تحقق لا نعرف كيف نتعامل معه ونستفيد منه؟، ألا يجب أن نحافظ عليه ونسعى الى استكماله وسَد ثغراته من أجل ضمان المشاركة الفاعلة وضمان العيش الكريم لكل مواطن جيبوتي؟، ألا يجب ان نحافظ على مكتسباتنا ونسعى سوياً الى المزيد؟..
إن ما حدث ليلة الجمعة الماضي “الحزين” يجب ألا يتكرر مهما كانت الظروف فهو أسلوب “دخيل” على مجتمعنا المتسامح والمتحاب، لأن مجتمعنا الجيبوتي مجتمع سلمي متحضر لا يعرف لغة العنف والتخريب، إننا في هذه المرحلة الصعبة والمفصلية في حياة الوطن نحتاج إلى لغة الحكمة والتعقل، لأن الاستفزاز لن يولد إلا استفزازا، والعنف لن ينتج إلا عنفا وخرابا، وفي النهاية فإن المواطن الجيبوتي البسيط هو الذي سيتأثر سلبا في معيشته وحياته، وعلى الإخوة المعارضةأن يحافظوا قدر الإمكان على سلمية احتجاجاتهم، وعدم عرقلة أمن البلد كي لا يؤثر سلباً على المواطنين والمقيمين في متابعة أعمالهم، فنحن نحتاج إلى أن نقدم صورة تعكس للعالم أجمع حضارة وعراقة وثقافة هذا الشعب الطيب الذي هو على الدوام مضربً للمثل في الأصالة والتحضر.
وبعد كل ما جرى لابد من التأكيد على اننا نعيش في دولة المؤسسات والقانون، وكل المطالبات المشروعة يمكن ان تتم من خلال القنوات الصحيحة مما يضمن حفظ وجه جيبوتي المشرق وعدم تشويهه أمام العالم..
إننا نعزي أنفسنا وشعب الجيبوتي بأكمله على ضحاياه في تلك الليلة، فهم أبناؤنا جميعا، وحياة أي مواطن جيبوتي ودمه أغلى من أي شيء آخر، رحمهم الله جميعا، وألهم ذويهم الصبر والسلوان وشفى المصابين، وعلينا أن نتذكر أن جيبوتي التي نريد ونحلم بها هي جيبوتي الأمان والمحبة والتعايش والديمقراطية وتطبيق القانون والمحاسبة والمكافأة، “الحقوق والواجبات”، وهي التي تحفظ حقوق المواطن وتوفر له الحياة الكريمة، فلنضع أيدينا بأيدي بعض من أجل جيبوتي التي ننتمي إليها و نحبها جميعا ونضحي لأجلها بكل غالي ونفيس..
فيصل مختار
Minnesota, USA