إن أزمة الغذاء في منطقة القرن الإفريقي تتصدر قائمة الأزمات التي تعاني منها كثير من دول المنطقة وإن تفاقم حدة الأزمات الأخرى كالنزاعات والصراعات التي يعم رجع صداها كافة أنحاءها تنعكس سلباً على أوضاعها التي يهيمن عليها الفقر والمآسي الإنسانية ومخاطر موجات الجفاف والفيضانات التي تجتاح الإقليم وتخلف وراءها أعداداً كبيرة من المتضررين بالمنطقة بحاجة ماسة إلى تقديم مساعدات غذائية عاجلة، وبدون شك فإن تداعيات الكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات ومشكلة الفقر تخلق أزمة الغذاء التي تكاد تكون أزمنة مزمنة في هذه المنطقة ولمواجهة تلك الأزمة يتطلب الأمر إنشاء قاعدة لوجستية في نقطة إستراتيجية تشرف على مشارف موطن تلك الأزمة وتتوفر فيها كافة الوسائل المستخدمة لإغاثة أي حالات إنسانية طارئة تنتج من انتشار موجات الجوع ونقص الغذاء، وتكفل بسرعة تحرك المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المحتاجين والمنكوبين والمتضررين بالمنطقة، ووقع اختيار برنامج الغذاء العالمي على جمهورية جيبوتي لتؤوي هذه القاعدة اللوجستية للمساعدات الإنسانية التابعة له، تقديراً للأسس المتينة التي تقوم عليها دعائم الاستقرار في بلادنا ومميزات الموقع الإستراتيجي الهام لدى وطننا باعتباره همزة وصل في التجارة الدولية والإقليمية وأرضاً للتبادل واللقاء ومؤشرات النمو الاقتصادي الذي سجلته جيبوتي خلال الفترات الماضية ونجاح المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية التي تكافح الفقر أحد أهم الأسباب المنتجة لأزمة الغذاء في المنطقة، وكل هذه العوامل توضح أهمية اختيار جيبوتي لتحتضن هذه القاعدة اللوجستية للتموين الغذائي في الإقليم وهي القاعدة الثانية لبرنامج الغذاء العالمي في إفريقيا بعد غانا والسادسة في أنحاء العالم وتبدو أهمية هذا المشروع من خلال الشبكة الإقليمية للتموين اللوجستي التي يوفرها وهي تمتد إلى البلدان المجاورة وباقي دول المنطقة، ولذلك تقدر تكلفته بــ 6 مليارات دولار أمريكي وهو مبلغ لا يخصص إلا للمشاريع العملاقة الإستراتيجية، وبطبيعة الحال فإن هذه القاعدة اللوجستية ستكون مركزاً للتأهيل اللوجستي يعزز القدرات المحلية في هذا المجال لإيصال المساعدات الغذائية إلى الأقاليم والمناطق الداخلية للبلاد، وفرصة اقتصادية سانحة للمؤسسات الاقتصادية ولقطاع المواصلات ورجال الأعمال، ولخلق فرص عمل كثيرة للمواطنين العاطلين عن العمل فجيبوتي تصبح قاعدة لمواجهة أزمة الغذاء في المنطقة، كما كانت مركزاً لحل النزاعات والصراعات التي تعاني منها تلك المنطقة.
عبد السلام علي آدم