داهمت مؤخراً شوارعنا وبعض أحيائنا ظاهرة العنف التي بسطت نفوذها لدى أوساط الشباب لتمتلك عقولهم وجوارحهم وتحركهم لممارسة أعمال عنف يعجز كل واحد منا عن عثور دوافع ومصوغات تفسر الخلفيات التي انطلقت منها هذه الأعمال ، وقد يصاب بالتيه لا محالة من يبحث عن الحقيقة التي تقف وراء هذا العنف غير المبرر، والذي يفرض وجوده عبر الصور والأشكال التي باتت معروفة عن ظاهرة العنف ، وترسم ملامح الخوف من الإضرار بالأمن العام على وجوه كل من يشاهد عن قرب اضمحلال مفاهيم الحوارفي الشوارع الذي سمح بإنتشار منطق العنف الذي جرى عبر مشاهد تحتكم إلى القوة ومنها التراشق بالحجارة ووقوع حوادث عنف بين فئات من الشباب تسبب حدوث إصابات وإعاقات في صفوف هؤلاء الشباب الذين انقادوا لهيمنة وسيطرة نفوذ العنف في الشوارع ، ولمواجهة هذا العنف تداعت مؤسسات شبابية لدفع عملية تغليب ثقافة الحوار والسلام مفاهيمها والتي بدأت تستعيد نفوذها في تلك الشوارع عبر ترسيخ التسامح والحوار في أذهان الشباب ، وعليه ينبغي أن تضاعف جميع وكالات التنشئة الاجتماعية مشاركتها في تخليص الشباب من قبضة ظاهرة العنف من خلال ممارسة أدوارها ومهامها بشكل أكثر فاعلية ، فيحرص أولياء الأمور على تربية وتنشئة أولادهم بعيداً عن الأجواء والمحيط الذي تنشط فيه هذه الظاهرة وتشكل الشوارع ومصاحبة رفاق السوء بيئة مثالية لها فمراقبة سلوك الأبناء ضرورية لفك ارتباطهم بهذه البيئة التي تعشعش فيها الظاهرة ، كما ينبغي الحيلولة دون إخفاق هؤلاء الشباب في حياتهم الدراسية لكي لا يدفعهم الإحباط إلى الانخراط في أمواج هذه الظاهرة التي لا يسلم من تداعياتها حتى المارة في الشوارع فمن المحتمل أن يصيبهم أذى من عمليات التراشق بالحجارة التي تعتبر جزءا من ظاهرة العنف التي تستثمر طاقات الشباب فيما يعود عليهم وعلى المجتمع بالخراب ومن أجل توظيف التعليم لترسيخ ثقافة السلام يسعى مركز البحوث والإعلام والإنتاج التربوي إلي إدراج ثقافة السلام والحوار والتسامح ضمن المناهج والمقررات الدراسية وإنتاج برامج إعلامية ترسخ هذه المفاهيم في أذهان الشباب ، وتتحرك المراكز المجتمعية وبعض المنظمات الشبابية ومؤسسات المجتمع المدني لملئ الفراغ الذي يعاني منه من يقع فريسة سهلة لهذه الظاهرة ، بالبرامج والأنشطة المتنوعة المحفزة للإنتاج والعمل والتي تظهر وتفجر أيضاً الطاقات والمواهب الشبابية ، وإن مشاريع تأهيل وتكوين الشباب لإكسابهم مهارات وخبرات تنفعهم في سوق العمل ، أو توظيف بعضهم في الأقسام والدوائر الحكومية تساهم في انتشال هذه الفئة من المجتمع من براثن هذه الآفة الاجتماعية التي تفتك بمصادرنا البشرية التي تعتبر من أهم مواردنا ، ولتجنيب هذا المورد الأهم من مخاطر ظاهرة العنق يجب علينا جميعاً التحرك من أجل محاصرتها وتضيق الخناق عليها . لتستعيد ثقافة السلام والحوار نفوذها في الشوارع وتصبح أكثر أمناً ونوفر طاقات الشباب لدفع مسيرة التنمية .
عبد السلام علي ادم