كان لدينا شعراء أفذاذ كافحوا ضد الاستعمار المحتل وكان لديهم شعبية ويقدر عشاق الشعر والأدب أدوارهم البطولية بفضل حسهم المرهف وقدرتهم على الإبداع في صناعة وتأليف المسرحية ،وقد تنوعت أغراض شعرهم وأسلوب عرضهم لما يتناسب مع ظروف حياتهم وقد تميزت أعمالهم الأدبية بالجودة والدقة وكرسوا جهودهم لأجل البلاد والوطن العزيز من خلال شعرهم المؤثر ومسرحياتهم الهادفة لنزع ثوب الذل ورفض الهيمنة بأسلوب عرض مخفف الغير المكلف بزيتهم الفضيحة وبألفاظ عذبة ، وتجده تارة أخرى مرحاً نشطاً في الأمسيات والسهرات الشعبية وكان سبب نجاح أعمالهم الأدبية بفضل كلماتهم النافدة الهادفة وقدرتهم على التأثير بهمس أدان الشعب لاستمالتهم نحو أهدافهم في سبيل الحرية والإبداع ، وكانت مشاركتهم في الكفاح قوية وبارزة وفعالة وأخذت أعمالهم المسرحية حيزاً كبيراً في أوساط الشعب الجيبوتي لدرجة أن حب الفنان والأديب وأعمالهما الإبداعية تعد من المسائل المهمة الجديرة للمتابعة والدراسة ، وقد أخذت المسرحية نصيب الأسد في الأعمال الأدبية للفنان الجيبوتي القديم لتناسبها ، وبفضل حنكة الجيل الأول من هؤلاء الفنانين اثبتوا إبداعهم رغم الصعوبات المختلفة التي كانوا يعيشون فيها سياسياً واقتصادياً واستطاعوا بجدارة توظيف أعمالهم على أكمل وجه لتحقيق تطلعات الأمة حتى أشرقت شمس الحرية والاستقلال .
وعليه نلفت عناية الشــباب وصغار السن أن يعيدوا النظر إلى الوراء وإلى المـاضي لإحيـاء هذه الأعمـال الفنية الجليلة ، حتى لا يندثر هذا التراث القـديم بمـوت أصحابه ، ولابـد مـن تدويـن وكتـابة أعمالهم ونشــرها عبـر الوسـائل المعاصرة والتطور التكنولوجي الحـديث ليكون الشـعب والشــــــباب المعاصر بوجه خاص باتصال دائم مع الماضي ومـع أعمال أدبائنا القدامى ، ولعـل هـذا الخوف ناجم عـن شـعوري الشخصي بأن الجيـل الصـاعد يتغافل ويقلل شـأن الأديب الجيبوتي القديم في وقت تـراهم مقبلين على متابعة الأعمال الفنية الأجنبية بكثافة واهتمام بالـغ وحـرس شـديد يعكس مدى تعلقهم بها وتقديسهم لها ، وندعو هذا الجيل المعاصر للمحافظة علي الموروث الأدبي والفني القديم لبلادنا الذي يزداد خوفنا عليه من الضياع ، وهذا الخوف في محله لأننا نجد كثيراَ مـن أغراض الشـعر القديم قـد اندثرت واختفت تماماَ من السـاحة مما أثر سـلباَ علي إنتاجنا المحلي النوعي في الأعمال المســرحية ، والتي باتت بالنسب للفنان المعاصر مكرسة لغرض واحد هو الحب وعرضه بصورة ماجنة وبألفاظ صريحة خاليـة مـن أسـاليب الاستعارة والتوريـة، والمجاز.
فارح وابري وعيـس