ترتفع كثيراً معدلات مؤشرات نجاح مشروع الاستثمار في الموارد البشرية في الأسواق الوطنية وتعول على فائدة أسهم هذا المشروع لدى المستثمرين في قطاع الموارد البشرية الذي يعد بالفعل من القطاعات المختلطة الذي يستثمر فيه القطاع العام والخاص، حيث يبدوا واضحاً من اهتمامات الأسرة أن قضية بناء قدرات أبناءها وتحديد مكانة مرموقة لأفرادها تتصدر أجندة اهتماماتهم العائلية وتسخر معظم موازناتها لصالح هذا الأمر الذي تعتبره من أهم المشروعات الاستثمارية التي تتركز عليها أحلام جميع الأسر وترسم الخطوط العريضة لمستقبلها وغدها المشرق، وبدون شك لا يمكن أن تتطلع أي أسرة إلى تحقيق ذلك بمفردها وإنما بتضافر جهود الأمة التي تنتمي إليها لبلوغ هذا المرام، وتعتبر الحكومة من أهم الأطراف الداعمة لتلبية تلك التطلعات المشروعة والتي تعد من أهم الأولويات لأداء الحكومة التي تحشد جميع الموارد لتحقيقها وتسخر موازناتها العامة من أجل الاستثمار في الموارد البشرية التي تتصدر اهتمامات الأسرة والدولة على حد سواء.
إن نجاح أي مشروع استثماري يتطلب رعاية خاصة وضمان عوامل النجاح واستبعاد الآفات الضارة به وإتباع خطط وآليات محددة تكفل له النمو والازدهار، وعندما يتعلق مشروع الاستثمار بقطاع الموارد البشرية تزداد أهمية العناية به لأنه سينتج لنا أجيال المستقبل التي ستحدد مصير البلاد، وبطبيعة الحال هناك آفات كثيرة تحيط بهذا المشروع وتهدد مستقبله، وعقبات تعترض طريق تحقيق مستقبل زاهر لهذه الأجيال وقد ينتاب القائمين عليه شعور يعزز خوفهم من إمكانية ضياع ثرواتهم التي كان رأسمالها هذه الموارد البشرية، ومبعث هذا الشعور هو بروز ظواهر العنف وبقية أشكال الانحراف السلوكي الذي يلاحظ في الآونة الأخيرة في أوساط الشباب، نتيجة الإخفاقات التي تصيبهم في مسيرتهم التعليمية والعملية، والفراغ القاتل الذي يبدد طموحاتهم ويسلمهم إلى اليأس والمخدرات، ويجب أن تتعاون جميع الأطراف الداعمة لهذا المشروع ومنها الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والحكومية والجهات الفكرية والمعرفية، من أجل تذليل الصعوبات وتجاوز التحديات أمام هذا المشروع وتوفير العوامل التي يتوقف عليها نجاحه، وإتاحة فرص مواتية لوضع معارف وخبرات الشباب في خدمة الشعب واستثمار أوقات الفراغ لديهم في ما ينفعهم، وتوفير القوة المعنوية اللازمة لتنميتهم ونشر المعرفة واستثارة الهمم وتفجير الطاقات للحيلولة دون هدر جهود الاستثمار في الموارد البشرية، ونشيد في هذا الصدد انعقاد ورشة عمل حول محاربة العنف ومظاهر الانحراف في أوساط الشباب وجهود بعض المؤسسات الحكومية والمدنية لإبراز مواهب الشباب وتوعيتهم، وتطوير فعاليات مراكز التنمية الاجتماعية وجميع الأنشطة التي من شأنها أن تسهم في النهوض بالشباب من النواحي الثقافية والأخلاقية وهي مقومات أساسية لتحقيق تطلعات أمتنا ووطننا من هذا المشروع الاستثماري.
عبد السلام علي آدم