في خطوة غير مسبوقة واستشرافا لأولويات المرحلة المقبلة المليئة بالتحديات، صدر تعميم رئاسي يقضي بتمديد ساعات الدوام الرسمي، حيث أصبح يبدأ من الساعة السابعة صباحا وينتهي في الساعة الثانية بعد الظهر، بدلا من الواحدة، ولا شك أن هذا الإجراء الذي يشكل علامة فارقة ومنعطفا نوعيا بنيويا يأتي في سياق عملية الإصلاح الشاملة التي تعد خيارا استراتيجيا وضرورة تفرضها مصالح شعبنا الوفي ومتطلبات بناء المستقبل المزدهر الذي ننشده، كما جاء في خضم التحول الجديد الذي تعيشه البلاد والذي اتسم بمبادرات جريئة طالت مختلف المجالات والميادين، وأحدثها المبادرة الفريدة التي نصت على أن تقوم كل وزارة برفع خطة عمل بعد ثلاثة شهور من تشكيل الحكومة، لضمان عمل الجميع كفريق واحد منسجم واضح الرؤية يعرف ما هو متوقع منه، ومن البديهي أن هذه العملية تتطلب توفر آليات التنفيذ اللازمة بما في ذلك إتاحة الوقت الكافي، ومن هنا اقتضى الأمر تعديل المنهجية السابقة المتصلة بساعات العمل لضمان أفضل أداء ممكن خدمة للمواطن الذي توليه القيادة الرشيدة أعلى درجات الرعاية في شتى مناحي الحياة.
وفي ضوء ذلك فإن العمل لساعات أطول من شأنه أن يعزز النمو الاقتصادي، من خلال زيادة إنتاجية الاقتصاد الوطني، وضمان نموه، ورفع تنافسيته، وتدعيم قدرته على جذب الاستثمارات، انطلاقا من النظرية المعروفة بنظرية "كتلة العمل" التي تؤكد أن زيادة وقت العمل تعتبر الوسيلة المثلى لتحقيق النمو وتعزيز القدرة على المنافسة.
ويبدو أن تمديد ساعات العمل شكل مفاجأة عند البعض، ولكننا إذا علمنا أن مسيرة الإصلاح والتحديث والتطوير ضرورة حتمية للوطن وأنه يجب أن نمضي بها بثقة وثبات نحو الأمام، تجسيدا لطموحات شعبنا العزيز، الذي تتقدم مصالحه وحقه في العيش بأمن وكرامة على كل شيء آخر في هذه المرحلة التي تزخر بالفرص بالرغم من التحديات، وإذا أخذنا في الحسبان أن قيادتنا اعتمدت منذ تحملها أمانة المسؤولية، الإصلاح الشامل سبيلاً ثابتاً لمراكمة إنجازات الوطن، فإننا ندرك أن الخطوة الجديدة لا تعدو كونها شكلا من أشكال التعبير الصادق عن الطموح الجامح الذي تتسم به بلادنا التي تهفو إلى مستقبل واعد، والذي يتطلب طرق كل الأبواب في سبيل تجسيده وتحويله إلى واقع ملموس يقودنا إلى ما نصبو إليه من تحقيق تنمية مستدامة ونهضة شاملة، وعلى المعنيين بالنقلة النوعية التي حدثت أن يلبوا استحقاقاتها وينهضوا بالمهمات والواجبات الوطنية الموكلة إليهم بتفان وإخلاص.
ولننتظر المزيد من المفاجئات السارة في قادم الأيام على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.