يروى أنه كان لأحد الشيوخ البدو ولد وحيد عاش في رفاهية ودلال حتى كبر وليس له من خشونة أولاد البدو شيئا، وقد خيّب ظن والده الذي كان يرجو أن يخلفه في قيادة العشيرة عندما يصبح شيخا بجدارة ..!!
وقرر أن يزوج ابنه لعله يشعر بالمسؤولية بعد الزواج ، وعسى أن تصلح الزوجة ما أفسد الأهل من دلال زائد ، فزوجه من إحدى بنات وجوه العشيرة ، ولمّا مضى على زواجه أكثر من ثلاثة أشهر ولم يتغير عليه من شيء ، أقسم والده على طرده من مضارب القبيلة بعد أن أشبعه ضربا ...!!!فخرج الولد هائما على وجهه واتجه جنوبا ، حتى وصل إلى إحدى القبائل البدوية الأخرى، وحل ضيفا على شيخ القبيلة ، والذي لم يكن له أولاد ، حيث كان عقيما ، وعرض الشيخ على الشاب أن يرعى له أغنامه مقابل (20) حملا في السنة ...!!!وافق الضيف الشاب على ذلك خصوصا بعد الحنان الذي وجده عند الشيخ ، وباشر العمل من يومه ...!!!وبعد عشر سنوات قرر أن يعود إلى مضارب قومه ، وخصوصا بعد أن صقلته التجربة وغيرت من حياة الكثير إلى الأحسن ، فاستأذن الشيخ المضيف ، وجمع أجرته ، فإذا بها أكثر من (500) رأس بعد أن تكاثرت ، ولمّا ودع مضيفيه وأرباب عمله سار في طريقه عائداً إلى أهله ، غير أن شيخ القبيلة لاحظ أن الرجل لا زال جاهلا ، وخشي أن يصادفه اللصوص ، ويأخذوا أغنامه منه بعد أن يقتلوه ، فقال له : سأنصحك ثلاث نصائح تفيدك كثيرا في حياتك وأعطيك فرسا وبندقية بشرط أن تعطيني أغنامك كلها ... ووافق الشاب بعد تردد، وكانت النصائح :
- 1أن لايثق بأي إنسان عيونه زرقاء وأسنانه فرقاء وخدوده برقاء!!
- 2أن لا ينام في وادٍ لا يعرف من أين يأتي أوله
- 3 أن ينام على ضيم ولا يقوم على هَمّ..!!!
حفظ الشاب النصائح ، وبعد يوم صادف رجلا تنطبق عليه مواصفات النصيحة الأولى ، وعرض على الشاب أن يرافقه في طريقه فوافق ، وعند المساء أرادا أن يناما ، وكانا يسيران في وادِ سحيق ، فقال الشاب للرجل الغريب دعنا نبتعد عن هذا الوادي إلى بطن الجبل وننام ، فأبى الرجل ، في حين تركه وذهب إلى بطن الجبل لينام هناك!!.وتظاهر بالنوم ، فإذا بالرجل الغريب يستل سيفه ، ليقتله ويسرق فرسه ، وبما أنه كان متيقظا له أطلق عليه النار فأرداه قتيلا ، ونام مطمئنا من العد و المنتظر الذي حذره الشيخ من صفاته ...!!وفي الصباح استيقظ فإذا بالوادي قد جرفته الأمطار التي هطلت وسار معه فوجد كيسا من الذهب لتجار كانوا قد ناموا في الوادي ، فجرفتهم المياه ، فحمل فرسه بالذهب وتابع السير ، وبعد مدة وصل أهله ليلاً وصار يراقب الخيام المضيئة لعله يشاهد خيمة زوجته ، وكم كانت دهشته شديدة عندما رأى زوجته بخيمة بجانب خيمة أبيه ، وقد انبطح أمامها شاب يضع رأسه على فخذيها ، فظن أنه عشيق لها وهَمّ بقتلهما لولا أنه تذكر نصيحة الشيخ أن ينام على ضيم ولا يقوم على هَمّ ، ونام مهموما ، وفي الصباح ذهب إلى بيته ليجد أن الشاب أبنه حيث ترك زوجته حاملا دون أن يعلم ...!!!وسلم على أهله وذويه ، وسأله والده عن سر الذهب الذي يحمله ، فأخبره عن ما جرى من نصائح شيخ القبيلة له ، وقرر الأب أن يحمل الهدايا الثمينة لشيخ القبيلة عرفانا منه بنصائحه لولده ، فأخبره الشيخ أنه لا يريد شيئا ، وأعطاه أغنامه ، وأنه أخذ الغنم منه خوفا على ماله وحياته من اللصوص ...!!!

فيصل مختار
Minnesota, USA