بدأت في أروقة الدوائر الحكومية في الآونة الأخيرة تغييرات جذرية تستهدف إعادة هيكلة العمل الحكومي وترتيب أولوياته، وفي هذا السياق وافق مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية على تعيينات جديدة لمسؤولين كبار تنضاف إلى التعيينات التي سبق أن أقرها في جلسته التي سبقت جلسة أمس الأول، في مؤشر على توالي التعيينات خلال الأسابيع القليلة القادمة. وبذلك تكون لحظة المصارحة والمكاشفة والمحاسبة قد حلت، وحان الوقت لتلبية استحقاقاتها وتحمل تبعاتها في سبيل خدمة الصالح العام، وحث الخطى نحو تحقيق تطلعات وآمال المواطنين.
ولا شك أن هذه المكاشفة الجادة والمسؤولة إيذان بانطلاقة برنامج طموح ينطوي على تحسين الأداء اقتضته ضرورات المرحلة الراهنة وفرضته متطلبات مسيرة التنمية الوطنية التي تستلزم القيام بتقييم شامل يفضي إلى تبني إجراءات فاعلة تمكن من معالجة الهفوات والمضي بعملية الإصلاح إلى الأمام.
وفي ضوء ذلك فإن التعاطي مع معطيات وإفرازات الواقع الراهن يجب أن يتم بشكل مختلف ووفق رؤية جديدة، ومن هنا تكتسب التغييرات والتعيينات التي تشهدها الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة أهميتها الكبرى.
وغني عن البيان أن هذه التغييرات التي تصب في خدمة الصالح العام لا تعدو كونها تجسيدا لمبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب والذي يعتبر السبيل الأمثل لزيادة الإنتاجية في أي عمل، فلا مجال إذا للتباطؤ والتخاذل والتواني والتهاون، ولا مجال لسياسات الاسترضاء التي تقدم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وتكلف الدول غاليا وتحرمها من العديد من فرص الإنجاز والتميز والتطور والتغيير الايجابي.
وانطلاقا من كون المواطن محور الخدمة الاجتماعية ومحركها، والحلقة الأهم في عملية التحديث والتنمية، والعنصر الرئيس في معادلة التغيير والتقدم، فإنه يتحتم أن يكون أداء القائمين على تسيير شؤون المؤسسات الحكومية ملامسا لهموم المواطنين، ويجب ردم أي فجوة بين المؤسسات الحكومية وبين المواطن، وعليه فإنه لا بد من إسناد المهام إلى أبناء الوطن المؤهلين والملتزمين بالرؤية الإصلاحية الشاملة التي تعبر بجلاء عن نهج القيادة الرشيد، وتستند إلى ثوابت البلد ومصالحه العليا واعتباراته الوطنية، وتعتمد في ذات الوقت الانفتاح والصراحة والشفافية والمحاسبة والمساءلة والنزاهة والأمانة.
وفي ظل الاختيارات التي تدل كل المؤشرات أنها تتم وفق معايير الكفاءة والقدرة على العطاء، مع اعتماد منهجية المتابعة والمراجعة المستمرة لمراكمة الإنجاز ومعالجة الاختلالات وتلافي القصور، حيث لا تراخي في اتخاذ القرار، ولا التفات إلا لمصلحة الوطن والمواطن، فإن ممارسات الحكم الرشيد بدأت تتجذر وتترسخ في بلادنا الحبيبة. وعلى كل من يكون في موقع العطاء أن يواكب متطلبات الواقع الجديد ويبذل أقصى طاقاته لخدمة وطننا العزيز بمنتهى الجدية والحرص والتفاني والشعور بالمسؤولية فهل نحن مستعدون؟؟