في مثل هذا الوقت من كل عام ينصب اهتمام معظم السكان في بلادنا علي حالة الطقس لمدينة جيبوتي وما تشهده من ارتفاع في درجات الحرارة، وكان الجيبوتيون عند تواصلهم يستهلون أحاديثهم بتعليقات تصور قيظ الحر في هذا الموسم أو إثارة الانتباه إلى تدفق العرق بشدة من أجسامهم وما تكون عليه حالة ملابسهم التي تصيبها موجة بلل، أو ما يتعرض له بدنهم من اكتواء بأشعة الشمس الملتهبة، أو الغبار الذي يعلو وجوههم بفعل ذرات الرمال التي تثيرها رياح الخماسين، وكان الكلام حول تلك الأمور يشكل القاسم المشترك لأحاديث الناس، كما كانت تحدد حالة الطقس المتوقعة القرارات للسفر إلى الأماكن الباردة في الداخل والخارج أو البقاء في المدينة، وكانت أيضاً تتحكم في عادات الناس كمواعيد مغادرة المنازل لقضاء حوائجهم أو اختيار الأماكن التي تقع فيها مجالسهم، وأوقات النوم والأكل، وبطبيعة الحال فإن كل ذلك يعود للتغيير الذي يحدثه تغير أحوال الجو وحالة الطقس في فصل الصيف واهتمامات الناس بها.
وهناك في هذه الأيام تغير آخر طرأ علي الرأي العام في التفاعل مع أحوال السياسة الذي أصبح يبدل طبيعة مناخها في هذا الموسم، فسابقاً كان الحراك السياسي والاهتمام به في مثل هذا الوقت يتسم جوه بالبرود الذي كان ينعكس على النشاط العام ويخفف حرارته، ويخلد إلي الراحة كأنه في إجازة شبه رسمية تتأجل بموجبها معظم الأعمال في مثل هذا الفصل من العام، الذي جرت فيه الأحداث حالياً على عكس طبيعة مناخ الأحداث السياسية، فارتفاع درجة الحرارة تلازم مع سخونة المشهد السياسي، وأدت التغييرات المرتقبة من تشكيل الحكومة إلى زيادة درجات سخونة التفاعل مع المشهد السياسي، وتسجل هذه الدرجات ارتفاعاً كلما اتجهنا نحو النخب السياسية وكل من يعمل في فلكها أو يتولى مناصب عليا ومرموقة في عالمها السحري، ومن المعلوم أن درجات حرارة الصيف تسير في اتجاه معاكس، حيث ترتفع كثيراً كلما اتجهنا صوب الشرائح الاجتماعية غير المسيسة، والتي تشغل القاعدة العريضة في المؤسسات والإدارات الحكومية أو تمتهن حرفاً، وأصبحت توقعات ما سيكون عليه مشهد السياسة تهيمن على أحاديث الناس في الميادين والساحات العامة والمجالس وتفرز حرارة ترافق سخونة الأجواء ويتوقع أن تسود هذه الأجواء الحارة في سماء السياسة إلى حين انتهاء موجات الحرارة التي حركتها رياح التغيير التي تستهدف الساحة السياسية وتعتزم أن تغير ملامحها وعدد من رموزها، ولاشك أنه يوجد هناك من يأمل أن ينجو من هذه الموجات ويود أن تمر عليه برداً وسلاماً في حين يتمنى آخرون أن تمهد لهم الطريق ليسطع نجمه في عالم السياسة، ولا توجد هناك هيئات للأرصاد الجوية تتنبأ وتنشر أخبار حالة المشهد السياسي المرتقبة خلال هذا اليوم بطريقة علمية، وإنما تتناقل أخباره وكالات أنباء قيل وقال التي تنقل أخبارها من المجالس ولذلك تختلف الصور النمطية التي يكونها الناس عن هذا الأمر، فكل واحد قد يرسم هذه الصور بريشة توقعاته الشخصية، ومع نشر حقيقة هذا المشهد ستزول غيوم كثيفة كانت تحيط به وتنتعش أسواق الإعلام التي أصيبت بشح في الأخبار من المرحلة الانتقالية التي كانت سائدة والتي أصبح فيها الحصول على قصص إخبارية نادراً، وسيشهد هذا الصيف ربيع عمل المؤسسات والوزارات التي سيتم تعيين أعضاءها، ومهما يكن من أمر هذه التشكيلة الوزارية ورموزها يتمنى كثير من الناس أن تكون سبباً في تحسين أوضاعهم وتحقيق مستقبل أفضل للبلاد.
عبد السلام علي آدم