التعليم سر نهضة الأمم وعماد تقدمها، وهو يرفع أمة ويضع أخرى .وإذا أردنا معرفة الفرق بين اليابان وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية مثلا، وبين اليمن وجيبوتي وغيرها من الدول في العالم النامي ، لعلمنا أن الفرق يكمن في كلمة واحدة فقط هي: التعليم
في هذه القراءة التأملية سأعرض ستة أسس للتعليم الفعال أنصح العمل بها لتطوير التعليم في جيبوتي.
الأساس الأول: الاهتمام بالتربية قبل التعليم .
وهذا الأمر أصبح من المسلمات لدى كل الأمم ، ولهذا تذكر كل وزارات العالم كلمة التربية قبل التعليم ( وزارة التربية والتعليم ) وما لهذا معني آخر سوى أهمية التربية. ولكن ما هي هذه التربية التي توليها الأمم كل هذا الاهتمام البالغ ؟ في نظري يمكن أن تتلخص هذه التربية في نوعين هما :
التربية الخلقية، وقديما قال الشاعر العربي :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا، فبالأخلاق تتطور الأمم وتبني حضارة إنسانية ، وهذه الأخلاق وحدها هي التي تحفظ للبشر آدميته وإنسانيته، فمن دونها سيتحول البشر إلى حيوان بل أضل منه. والتعليم إذا خلا من الأخلاق فأقم علية مأتما وعويلا.
التربية القيمة : مثل الصدق والأمانة والعدالة والرحمة ومراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم المصالح العامة على المصالح الشخصية والخاصة، وقيمة العمل والاعتماد على الذات بدل الاعتماد على الآخرين، سواء كان هذا الآخر والدا أو دولة.
الأساس الثاني : تقدير المتعلم واحترامه
وهذا يعني تجنيب المتعلم كل أنواع القهر والتسلط عليه مثل العقاب البدني أو الضرب، وتجنيبه كل ما شأنه النيل من شخصه من سب وسخرية وغيرها مما يحطم نفسية المتعلم ، ويخلق بينه وبين التعليم أو بين المعلم عداوة .
كما نعني أيضا الحرص الشديد على بناء هذا المتعلم بناء يساعده على احترام الآخرين ومعرفة حقوق الأمة عليه وحقوقه عليها .
الأساس الثالث : التواصل البناء
هذا التواصل الفعال يشمل الجوانب الثلاثة التالية :
الجانب الأول : التواصل الفعال بين المعلم والتلميذ بحيث تبقى العلاقة بينهما ودية لا يشوبها أي توتر مهما كن نوعه. في هذا الجو يثمر التعليم ويؤتي أكله.
الجانب الثاني : التواصل الايجابي بين المعلم والمشرف التربوي . وهذا أمر إن حدث يساعد في تحسين العملية التعليمية.
الجانب الثالث : التواصل بين كل من الإدارة والمعلم وأولياء الأمور . هذا التواصل له طرفان هما: الإدارة والآباء ووسط وهو : المعلم . فإذا ما قدر لهذه الأطراف الثلاثة أن تتواصل بشكل فعال وبناء بشأن الطفل فإن من المؤكد يقينا أنه يتقدم خطوات ملموسة إلى الإمام.
كما أن هذه الجوانب الثلاثة من التواصل البناء ضرورية جدا لتطوير التعليم في بلدنا الحبيب؛ لهذا أقترح على المسئولين الاعتناء الشديد به، وإيلاءه كل العناية اللازمة واللائقة به. كما أنصح بإيجاد جهات تقيم مدى توفر هذه التواصل بين هذه الجهات الثلاثة.
الأساس الرابع : مراعاة الفروق الفردية
التعليم المثمر والناجح هو الذي يراعي مسالة الفروق الفردية في القضايا الأربعة التالية:
ـ عند تأليف المناهج التربوية التعليمية.
ـ عند صياغة الأهداف العاهة أو الغايات التربية.
ـ عند الشروع في الأنشطة التربوية التعليمية داخل الفصل.
ـ عند تقييم التلاميذ.
قضية الفروق الفردية من القضايا التي قتلت بحثا، وكتب عنها ما فيه الكفاية ؛ لذلك لن نخوض هنا في التشديد على أهميتها، والمناداة بتطبيقها، فقط ما أريد إيصاله هنا هو: أن مسألة مراعاة الفروق الفردية من الأمور شبه المهملة عندنا؛ لهذا على من له صلة بهذا التعليم مراعاة الفروق الفردية .
الأساس الخامس : الاهتمام بالموهوبين
أنا من المؤمنين جدا بفصل الموهوبين والأذكياء جدا وإيجاد فصول خاصة بهم، فإذا لم نفعل ذلك فإننا نخسر مرتين : مرة عندما نضيع هذه العقول وسط مجموعة أخرى ذات عقول متدنية أو عادية. ومرة أخرى عندما نكون داخل الفصل الدراسي فلا تقدم له ما يتحداه داخل الفصل، فيضطر إلى التشويش على المعلم وزملائه باختراع حيل تربك المعلم؛ لأن التلاميذ الأذكياء جدا والذين ذكاؤهم 140 درجة يضيعون كل وقتهم في الفصل إذا لم يجدوا ما يتحدى عقولهم، أما الأذكياء فإنهم يضيعون نصف وقتهم في الفصل الدراسي.
مستقبل هذا البلد مرهون بهؤلاء؛ لذا بات من الواجب والضروري العناية بهؤلاء إذا ما أردنا لهذا البلد أن يكون له موضع قدم في هذا العالم المتطور.
الأساس السادس : الاهتمام ببراءات الاختراع.
لو سألنا أنفسنا هذا السؤال : كم براءة اختراع تم تسجليها في العالم المنصرم أو حتى في الأعوام السابقة؟
على حد علمي لم تسجل براءة اختراع حتى الآن، أبناؤنا غير مخترعين، لأنه لم تتم تنمية هذه العقلية التي تهتم بهذه العملية المهمة جداَ. لهذا أنصح بتشكيل أو تأسيس هيئة مختصة باحتضان براءات الاختراع أيا كان مصدرها من جميع فئات المجتمع، وجميع التخصصات، وجميع القطاعات.

عبدا لله محمد بوح
مرشد تربوي في المرحلة الابتدائية