29/12/2011
في نهاية كل سنة يحاول البشر حمل المخزون الشخصي والعام واعطاء ذلك الخليط لون الفرح والاخضرار وزرع التفاؤل في الغد ، منهم من يبحر في التفاصيل الشخصية التي تعشش في خلايا ذاكرته ويدور في دائرة الذات حتى الجلد والتأنيب او يصل الى حافة اللآمبالاة ولا يحاول اصلاح نفسه.
وتمر السنوات مدموغة بذات الصورة التي تحمل البصمة المألوفة ، ومنهم من يخرج من العباءة الشخصية ويمسك الميزان ويبدأ بوزن تصرفات مجتمعه ويحاول قراءة مستقبل سياسة الدولة التي يعيش فيها وهذا النوع من البشر يشكل الصيغة الحضارية لوجود الانسان على الأرض وتكون احتفالاته عبارة عن تظاهرات قلقة اكثر مما هي احتفالات فوضوية تبتهج برعونة الأضواء والأغنيات والصرخات .
جميع شعوب الأرض تحتفل بنهاية العام ، ووسائل الأعلام تقذف الصور وتجرد احداث السنة الماضية بالارقام والوجوه واللقاءات، ويكون لأمتنا العربية والاسلامية حصة الأسد من صور التعاسة والأنحناء والقهر والدم .
احياناً نتساءل بحسرة موجعة ، هل قدر لناأن نبقى في حالات الذل والهوان ؟؟ وسنة بعد سنة تكبر مصائبنا وتتسع جروحنا وتترهل ثقتنا بقدرتنا وتتقزم احلامنا.. واحيانا وبدون أي شعور تجد الواحد منا يقول بسبب ما وصل إليه حال الأمة الإسلامية والعربية من ذل وهوان ليتني لم اكن انتمي لهذه الأمة التي كان لها في غابر الزمان صولات وجولات في الساحات ولكن صارت الآن رديفة للذل والهوان والجهل والتخلف والإستسلام والخنوع رغم ما لديها من الطاقات والإمكانيات ما يمكنها من أن تفرض نفسها كأمة لها حضور بارز ودور فعال في كل القضايا الدولية والإقليمية والمحلية..في المقابل نجد أمة ودولا في أمريكا اللاتنية لا تمتلك من الإمكانيات والطاقات المادية والبشرية والإقتصادية عُشر ما تمتلك أمتنا العربية والإسلامية، ورغم ذلك نجد انها تصنع نصرا وحرية وكرامة إستقلاية لشعوبها من جميع المجالات..
اصبح النظر الى الوراء الرياضة المفضلة لمجتمعاتنا التي وجدت في تاريخها منفذاً للهروب من الواقع المحبط المتكىء على الأنكسارات والتنازلات حتى وصلت الى حد الخجل والهروب ، ولعنة النظر الى الوراء محفوفة عبر الأساطير والخيال بخطر الضياع والتجمد ، ممكن ان يتحول الناظر الى الخلف الى عامود من الملح كما حصل مع زوجة النبي لوط اويصاب بظاهرة ( الماضلوجيا ) او يتحول الى عنكبوت يبني خيوطه فوق البقايا والأثار ويتمتع بغطاء الخيوط الواهية.
نهاية السنة تحمل (العار الأبيض ) العار اسود قاتم ، خاصة عندما تمضي الأيام وترحل السنوات ويبقى العار راقصاً مزهواً فوق الجثث وارقام الشهداء والدمار والسجون والفقر.
فتح رزنامة السنة الماضية وقراءة احداثها ليست بحاجة الى شجاعة بقدر ماهي بحاجة الى صبر ودموع محبوسة ستفيض حتى تغطي الكرة الأرضية والرزنامة الجديدة ستكون ابنة القديمة ما لم تنتفض الحواشي والمربعات التي تحضن الأيام والشهور ويسجل في عمق ذاكرتها التغير .
والمصيبة الأكبر اننا امة تحتفل وتتسابق على احتلال القاعات والساحات لكي تفرح لقدوم السنة الجديدة مع العلم انها امتداد للسنة الماضية .
فيصل محتار
Minnesota, USA