ان المتتبع لأحوال أمتنا الاسلامية و العربية وهي تحمل في طيّاتها كل معاني التشرذم البعيد عن معالي الرفعة والسمو والتألق ، فيملاْ قلوبنا حسرة وحزناً ويبعدنا عن الباري - عز وجلّ - مع أن إيماننا يحرك مشاعرنا لنسطر صفحة جديدة ناصعة نأمل أن نرتوي من نميره ونرتشف من رحيقه عبق الماضي العريق لتمتلئ نفوسنا خيراً وصلاحاً وحبا وبركة ونماءً فتشع قلوبنا حباً ويزيدنا تقرّباً من الباري - سبحانه وتعالى - وأنفسنا .
والملاحظ المؤسف عبر القنوات الفضاية أن دنيا عالمنا العربي والاسلامي تقوم وتقعد بأخبار دماءٍ تُسفك وتراق في مشارق أراضينا ومغاربها وما بينهما من قلاقل وفتن وإنقلابات ، حيث سالت الدماء الأمة رخيصة بلا ثمن وتفرّقت فيها الكلمة وعبث فيها المفسدون الغربيون وألصقـت فيها اتهامات من كل حدب وصوب حتى غدت شعوب أمتنا بأكملها متهمة بالإرهاب والتخلف وشبق التعلق بالحكم مهما كـلّف الأمر ، وكمِّمت الأفواه وخرجت الدبابات من أوكارها تطأ بمجنزراتها أجساد أبنائها وأرض أوطانها لا أرض أعدائها ،في حين تصدح في أجوائنا شعارات تنادي بالحرية والعدالة قولاً وتبجّحا بعيدا عن التمسك بالعقيدة الصحيحة متجاهلين بأن الإسلام هو القدَر والسياج العام الذي يحيط بنا من كل جانب في التواصل الاجتماعي بين قلوب الأمة ومجتمعاتها العربية والإسلامية ،الذي بدوره يحكم المجتمعات ، و ينظمها فيجعلها في نعمة من أعظم نِعم الله - عز وجلّ من أمة خير المرسلين لكونها آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ".
إن الوضع الذي آل إليه عالمنا العربي والاسلامي , شيء يبعث على الاشمئزاز والقرف .. فهذه الأمة التي لم تنقطع من ذكر الأمجاد القديمة لها , وعن ماضيهم المشّرف وعن الأطباء ا والمكتشفون يوما ً .. الخ , هي نفسها تعيش ثقافة الخوف من الموت .. تخشى أن تصيبها دائرة السوء , ودائرة السوء تتمثل في الغرب و( إسرائيل ) فلذلك نرى التسارع إليهم بالمحاباة والخضوع والخنوع … وفي النهاية لن ترضى عنهم لا اليهود ولا النصارى..
والغريب اننا أمة تجيد الدعاء فقط و لا تجيد العمل والجد والاجتهاد على عكس الأمم الأخرى.. ففي كل يوم جمعة نذهب كالمعتاد إلى الصلاة , فبعد الأذان الأول والثاني , يخطب بنا الإمام فنستمع إلى ما هو جديد ومميز عن كل جمعة , أما الشيء الوحيد الذي لم يطرأ عليه التغيير والتطوير هو الدعاء الذي يستغرق ربع ساعة تقريبا ً , وأول ما يدعو الإمام هو , اللهم انصر الإسلام والمسلمين , وأيدهم بنصرك يا قدير يا عزيز, اللهم اهزم اليهود ومن شايعهم يا رب العالمين اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم , واجعل الدائرة تدور عليهم , , ونحن من وراءه نقول : آمين … هذا الدعاء ثابت ثبوت الجبال الراسيات , منذ أكثر من ثلاثين سنة وندعوا فما استجد شيء .. على العكس ( إسرائيل ) والغرب ماضين في مشاريعهم التقسيمية والاحلالية , وللأسف من نجاح لآخر ..
عندما مرّ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام , بعمار بن ياسر وهو يُعذّب من قريش , لم يدعُ له بالنجاة , وهو قادر على تخليصه من سطوة قريش الجبارة . ولكن جعلها عبرة لنا بالقيام بالعمل ومن ثم الدعاء من الله في خواتيم العمل , ولو رفع يداه لله لأجابه وأبره وأطبق على قريش الأخشبين , وهذا كلام فيه ثقة بالله عز وجل وبمحمد عليه الصلاة والسلام .. واكتفى بالدعاء لله بالثبات والعاقبة له بالجنة إن هو صبر .. أما اليوم الذي نعيش فيه تجد المسلمين يجيدون لغة الدعاء دون العمل فهذا ما دل على الفشل الذي يلاحقنا, ويجيدون مبدأ الإرث والتوارث بامتياز , وقادرون على تقاسم الميراث لألف شخص من الذكور والإناث .. أما فيما يخص العمل والانتاج والتطور.. فهي معطلة حتى إشعار آخر !!!
لم تكن الحال في أي يوم أسوأ منها اليوم.. لا ندري سر هذا الانحدار وهذا التدهور الذي أضر بالبلاد والعباد..؟!أفيقوا يا أمة الأمجاد قبل فوات الأوان وقبل أن تخسروا فتندموا.. ولات ساعة مندم .. وليت قومي يعلمون فينهضوا ويستأنفوا حياتهم بناء وعطاء وزراعة وتجارة وعلما يواكب العصر.

فيصل مختار
Minnesota, USA