.. الزينة والجمال تعشقه العين ... يجذب الروح ..يرتاح له البال، والمرأة بشكل عام باختلاف مراحلها العمرية تهتم بالزينة والجمال أكثر من الرجل، ولهذا نجدها تركز على تفاصيل صغيرة في بيتها أو بين أهلها فتبدو جلية بصماتها في أركانه، فضلاً أنها تعيش بطبعها الجمال بأنواعه المختلفة من خلال التسريحات وتجريب الماكياجات والإكسسوارات، أو متابعة الموديلات على الساحة العالمية والمحلية ... وفي الزينة الكل سواء... المحجبة منها وغير المحجبة... والفرق بينهما هو الإبداء للعامة أو الستر عنه ، وأدنى أدوات الزينة وأقواها وأكثرها استخداما بين السواد الأعظم من النساء هو الكحل.
ولكن هناك جمال خفي .. يشع من وجوه أصحابه بناتا كانوا أم بنينا ..هو جمال يشد الانتباه .. يأسر الألباب .. يصافح الأعين ..يعزف على أوتار القلوب .. يلوح بالأمانة .. ويرفع راية الطهر والنقاء.
هو جمال تلك الفتاة التي عششت صورتها في خيالي .. ذاك الوجه الباسم الذي يتشبث بخيوط ذاكرتي .. ويرفض مغادرتها .. لا أعرف اسمها ولا مكان سكنها .. لم تكن بيضاء ..ولا شقراء.. ولم تكن من ذوات العيون الزرق أو الخضر ..بل هي فتاة من فتيات هذه القارة السمراء... لم تكن تتمتع بالجمال وحتى بالمتوسط منه... بل كانت عادية بمعنى الكلمة .. ولكن لسبب ما نالت إعجابي .. حالي حال الجميع في احترامها ... الكل يسعد لقدومها متوشحة برداء الحياء ... عند حديثها ترمق الأرض أكثر مما تنظر إلى محدثها .. رغم سمرة بشرتها فهي مشبعة بجمال سحري خفي تنجذب إليها النفس كإنجداب الحديد إلى المغناطيس..
عندما تمشي تتعثر من خجلها..لا تضع على وجهها أي نوع من أدوات الزينة غير تلك اللمسة البسيطة... لمسة حياء ...على وجهها...على نظراتها ... كلماتها ... حركاتها ولباسها . جمالها ليس كالذي تتعرى من أجله من يسمون بملكات الجمال من ثوب الستر أمام العالم...وليس بذلك المقياس، وإنما يوزن بميزان الحياء ، وهو جمال من نوع آخر.
هذا هو الجمال الحقيقي ... جمال الحياء... الأداة السحرية التي لا تقدر بثمن ...لا يباع ولا يشتري...
بل هو صفة متوفرة في الشخص ... في متناول الجميع لمن أراد استخدامها رجالا ونساء ...
هي تلك الصفة التي تعكس على صفحات وجه حاملها لوحة فنية مخطوطة بألوان الحياة الزاهية تفوح منها رائحة شذية نقية ..هي صفة لا تورث صاحبها جمالا فقط ،وإنما الصفات الحميدة كلها ... قد أخطئ أو أصيب وقد يوافقني البعض أو يعارض،ولكن لا أبالغ إذا قلت أن من يتمتع بقدر من الحياء لا يكذب ... لا يخون .. لا يسيئ إلى الناس .. بل يرحم الفقراء ... يحترم الجميع .. ويكون أكثر جدية ... أكثر أمانة وإخلاصاً وصدقا واجتهادا.
نبيهة عبدو فارح