احتفلت جيبوتي يوم الاثنين الماضي بإطلاق المهرجان الثقافي الثالث من نوعه، ولست بصدد ذكر وسرد وقائع فعاليات هذا المهرجان الذي شهد تقديم عروض فنية وإبداعات رائعة، وإنما أود التأكيد على أهمية التظاهرة الثقافية النوعية وضرورة عقد مثل هذه التظاهرات والعروض باستمرار لنبرز ما لدينا من الكنوز الفكرية والأدبية ونشجع الفنانين ولاسيما التشكيليين على الإبداع لأن هذه العروض الفنية تقوي عرى الترابط والتعاون بين المجتمع المدني الجيبوتي، كما تقوي عزيمة الفنان على تحقيق مزيد من الإبداع في المستقبل.
وكما نعلم فإن الفنان يستذكر أحداث عصره وتتحرك مشاعره الأدبية وتثور حفيظته الأدبية والإبداعية في مجالات الحياة المختلفة ولعل غالبية الفنانين في جيبوتي يركزون على الشعر والقصة بأنواعها وهناك عدد قليل يمارسون الفن التشكيلي ومن بينهم الفنان التشكيلي القدير والوزير السابق السيد/ رفقي عبد القادر با مخرمة الذي قدم قبل أيام لوحاته الفنية بطريقة جذابة تثير الإعجاب لما تحمل في طياتها من المعاني الراقية وأصالة التراث التقليدي للمجتمع الجيبوتي، ومعروف أن الفن التشكيلي يعد أكثر تأثيراً من غيره نظرا لما يتمتع به من جاذبية وتأثير بعيد المدى وسهولة في التنقل بين المتاحف، ولذلك نشجع الفنانين الجدد على أن يدلوا بدلوهم في الفن التشكيلي ليتركوا قيمة تراثية وحضارية تنتفع بها الأمة عبر العصور المتعاقبة، ونتمنى أن تؤسس دور للأدب وللفن التشكيلي ومتاحف وطنية لعرض وحفظ الأعمال الفنية. لأنه بدون تأسيس هذه المتاحف والدور ستختفي الأعمال الفكرية والأدبية والتشكيلية التي أبدع فيها الفنانون الجيبوتيون برحيلهم الى الدار الأخرى.
إن للأدب أدباء وللشعر شعراء وللفن التشكيلي رسامون مبدعون يرسمون الصورة الناطقة الحية التي تبقى خالدة في المستقبل، وبما أن فكر الفنان أو الأديب نتاج عصره فإن ثقافته الأدبية كلما كانت عالية وأصيلة كان قادراً على التأثير في الوجدان والفكر ومن ثم يتحول إلى بطل مشهور ذي قاعدة شعبية كبيرة وإحساس مرهف إزاء الأحداث الوطنية، وتتوارث الأجيال هذا الإحساس الذي يعد عاملا مهما من العوامل المحفزة على النهوض بالمجتمع فكريا وثقافيا وأدبياً وأخلاقياً وبذلك يكون الفنان صاحب دور متواصل في التنمية عبر التاريخ.
فارح وابري وعيس