يوم لم يكن يجد الآباء في جيبوتي مدرسة إلا مدرسة النجاح الإسلامية تدرّس العربية ليرسلوا أبناءهم إليها .. كنتم أنتم هناك بل كنتَ أنتَ ، يومها كانت مدرستنا العتيقة تجمعنا من كل حي وحارة ومن كل ناحية من نواحي العاصمة .. فهي الرائدة والجامعة .. تماما مثل ما تجمع الحقائب المدرسية أدواتها وتلملمها في وحدة واحدة .. ومها كنا في صف واحد وفي مقعد واحد .. وكان نداؤهم بل كان نداؤك أنتَ وشرحك لنا التوحيد ، والفقه ، والحساب ، وقواعد اللغة ، والقراءة ، والخط والإنشاء ، وكنتَ أنتَ .. يوم كنا ثلاثين طالبا في صف واحد كلنا سواسية متآخين متحابين ونجحنا بالابتدائية جميعا.. كان جهدك أنتَ وجهد إخوانك زملاءك من المعلمين الأوائل .. كنتم نهضة علمية فينا… جئتمونا ــ ونحن صغار ــ مُدثِّرِين إيانا عباءة الأدب الجم والعلم النافع .. جئتمونا حاملين لواء اللوح والمحبرة واليراع .. يوم كنا.. نمشي في عتمة جهلاء ..فأشعل كل واحد منكم شمعته في دروبنا فكنتم كل الشموع وكنتَ أنتَ ..هكذا كنتم يوم لم يكن هناك سواكم .. شعلة شموع .. مجمرة بخور ، ومزهرية زهور في حياتنا .. رحمكم الله جميعا يا أساتذتنا فقد ربيتمونا على الأخلاق العالية .. وأسستمونا على العلم المتين وأرشدتمونا إلى كل خير عميم .. هكذا رحل معلمونا عمالقة الرعيل الأول واحدا بعد الآخر .. آخرهم المعلم الإمام الخطيب الشيخ عبد القادر طيب بامخرمة .. رحمك الله ــ يا معلمي ــ رحمة واسعة وإخوانك الذين سبقوك أو رافقوك في محراب العلم والتعليم ..فجزاكم الله عنا خير الجزاء ، وأجزل لكم حسن الثواب على كل ما بذلتموه من جهد ..
وقدّمتموه من علم ودراسة .. ، أضعافا مضاعفة في ميزان حسناتكم بإذن الله سبحانه وتعالى . فأصالة عن نفسي ، ونيابة عن طلاب مدرسة النجاح الإسلامية ــ سابقين ولاحقين ــ نقدم تعازينا القلبية لذوي الراحل ولآل بامخرمة في جيبوتي أجمعين ولكل محبيه .
شاذلي الحنكي